٤ - وقد ذكر المؤلف أصلًا آخر جعله من الأصول المرجحة للتأويل وهو "الأخذ بأثبت الوجوه لغة"، فقال: "المعنى الذي كثر في كلام العرب لا ينبغي تركه إلاّ لصارف قوي، فإذا تساوى الوجوه الآخر وهي النظم والموافقة بباقي القرآن وصريح العقائد فلا بد أن نأخذ المعنى الشائع" (١).
ومن ثم يرى أن (الشوى) في قوله تعالى: ﴿نزَّاعةً للشَّوَى﴾ بمعنى لحم الساق، لأن هذا المعنى هو الشائع في كلام العرب، ثم هو الأوفق بالسياق وباقي القرآن.
وقد استدل الإمام الطبري ﵀ كثيرًا بهذا الأصل في تفسير ألفاظ القرآن، فقال مثلًا في تفسير قوله تعالى ﴿أَمَرنَا مُترَفِيهَا﴾: "وتوجيه معاني كلام الله جل ثناؤه إلى الأشهر الأعرف من معانيه أولى ما وجد إليه سبيل من غيره" (٢). فعلق الفراهي على كلامه في نسخته من تفسير الطبري: "هو الأصل الذي يعتمد عليه كثيرًا".
وقال الطبري في موضع آخر في تفسير قوله تعالى ﴿وفارَ التَّنُّور﴾: "كلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب، إلا أن تقوم حجة على شيء منه بخلاف ذلك فيسلم لها ... " (٣). فنوه الفراهي بذلك قائلًا: "أصل راسخ". وفي موضع آخر علق بقوله: "أصل من أصول التأويل".
٥ - أما كتب اللغة، فلم ينكر المؤلف أهميتها، بل صرح في خطبة الكتاب بأن عامة المفردات القرآنية (يعني غير المشكلة) يعول في تفسيرها على كتب اللغة. والمعجم الذي كان المؤلف يعتمد عليه كثيرًا لسان العرب لابن منظور لكونه مجمعًا لأمهات المعاجم، ومعرضًا لأقوال أئمة اللغة والشواهد الشعرية والنثرية من كلام العرب، بالإضافة إلى غريب الحديث الذي ضمّ إليه من كتاب
_________
(١) التكميل: ٦٢.
(٢) تفسير الطبري (ط الميمنية) ١٥: ٤١.
(٣) تفسير الطبري (ط الميمنية) ١٢:٢٤.
1 / 66