168

Mufradat Quran

مفردات القرآن للفراهي

Investigator

د/ محمد أجمل أيوب الإصلاحي

Publisher

دار الغرب الإسلامي

Edition Number

الأولى

Publication Year

٢٠٠٢ م

Genres

أي ليس كل شعر غواية، بل منه ما يتضمن على الحق (١) والحث على الخير. هذا. ثم استعملها الله تعالى في أكمل أفرادها، فسمى الوحي "حكمةً" كما سماه "نورًا"، و"برهانًا"، و"ذِكرًا" و"رحمةً". ومن هذه الجهة سَمَّى القرآنَ "حكيمًا" أي ذا حكمة، كما سمَّى نفسه حكيمًا وعليمًا. فهذه وجوه. فإذا سمّى القرآن "كتابًا" و"حكمة" معًا، فذلك من جهتين: سمى "كتابًا" من [جهة] (٢) كونه مشتملًا على الأحكام المكتوبة، و"حكمة" من جهة اشتماله على حكمة الشرائع من العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة. واستدللنا على هذا الفرق من تتبع استعمال الكلمتين معًا، ومما علمنا من استعمال "الكتاب" للأحكام و"الحكمة" لأصولها. وتسامح بعض أهل العلم في هذا المقام، وتبعه الإمام الشافعي ﵀، وتبعه أكثر المحدثين، فظنوا أن "الحكمة" أريد بها الحديث (٣)، فإنّ

(١) انظر ما قلنا في ص: ٩٨ الحاشية ٣. (٢) زيادة يقتضيها السياق. (٣) روي تفسير "الحكمة" بالسنة عن قتادة. انظر الطبري ٣: ٨٧ والتصاريف: ٢٠١. وفسرها الإمام مالك فيما رواه الطبري عن ابن وهب عنه بالمعرفة بالدين والفقه في الدين والاتباع له. وقال الإمام الشافعي ﵀ في رسالته (٧٦ - ٧٩) بعد نقل الآيات التي قرن الكتاب فيها بالحكمة: "فذكر الله الكتاب -وهو القرآن- وذكر الحكمة، فسمعتُ مَن أرضى مِن أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة: سنة رسول الله. وهذا يشبه ما قال، والله أعلم. لأن القرآن ذُكِرَ وأُتبِعتْه الحكمة، وذكر الله مَنَّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يجُز -والله أعلَم- أن يقال الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله. وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله، وأن الله افترض طاعة رسوله وحتّم على الناس اتباع أمره. فلا يجوز أن يقال لقول: فرض إلا لكتاب الله ثم سنة رسوله، لِما وصفنا من أن الله جعل الإيمان برسوله مقرونًا بالإيمان به. وسنة رسول الله مبينة عن الله معنى ما أراد: دليلًا على خاصّه وعامّه، ثم قرن الحكمة بها بكتاب فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسوله". =

1 / 175