Mufradat Quran
مفردات القرآن للفراهي
Investigator
د/ محمد أجمل أيوب الإصلاحي
Publisher
دار الغرب الإسلامي
Edition Number
الأولى
Publication Year
٢٠٠٢ م
Genres
وكل هذه الوجوه من معاني الحكمة جاء فى كلام العرب. فاستعملها القرآن والنبي ﷺ بما عرفوه. قال النبي ﷺ: "إن مِنَ الشَعْرِ لَحِكْمَة" (١)
....................................
= ﴿... ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
فاعلم أن المخاطب على ثلاث مدارج: خالي الذهن، ومعترف، ومنكر. وبعبارة أخرى: تخاطب أولًا، أو بعد اعتراف، أو بعد إنكار. فأولًا تخاطبه بما يتقبل عقله من الحق الواضح والخير المعروف. فهذا هو الدعوة بالحكمة. فإذا رأيت أنه مقِرّ بحسن ما تدعو إليه، ولكنه لا يوافق عمله علمه، فتحثّه على (٢) العمل بالموعظة الحسنة. وإذا رأيت أنه يخالف (٣) دعوتك فتجادله بالطريق التي هي أحسن. فالأول: إلقاء العلم، وهذا يكفي للسابقين. والثاني: جذب إلى العمل. وهذا ينفع الصالحين الذين جاء فيهم:
﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥].
والثالث: إزالة العوائق، وبهذا هُدِي خلقٌ، وتمت الحجة على الآخرين. كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [النحل: ٣٦].
وبعبارة أخرى: الدعوة بالحكمة عامة للناس، ثم هم يفترقون: فمنهم من يستمع ويميل، ومنهم من يجادل. فللأول "الموعظة"، وللثاني "حسن المجادلة" [حاشية المؤلف].
(١) أخرج البخاري عن أبي بن كعب في كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه. افظر فتح الباري ١٠: ٥٣٧. وفيه "حكمة" بدون اللام. أما باللام "لحكمة" فانظره في حديث أبي أيضًا في سنن ابن ماجه: ١٢٣٥. وانظر النهاية ١: ٤١٩. (٢) في الأصل: إلى، والتصحيح من المطبوعة. (٣) في المطبوعة: يخاف. خطأ مطبعي.
1 / 174