Mudhakkirat Pickwick

Cabbas Hafiz d. 1378 AH
162

Mudhakkirat Pickwick

مذكرات بكوك

Genres

وفي تلك اللحظة بالذات تواتى للمستر بكوك ذلك الكشف الخالد الذي كان موضع فخار أصدقائه واعتزازهم، ومثار حسد كل عالم أثري في هذا البلد وسواه، فقد حدث وهما يجتازان الفندق، ويبتعدان قليلا في بعض أرجاء القرية أن تذكرا البقعة بالذات التي يقوم فيها، فتلفتا وراءهما، وعندئذ وقعت عين المستر بكوك على حجر صغير مكسور، يبدو جزء منه مدفونا في الأرض أمام باب كوخ، فوقف لحظة ينظر، ثم أنشأ يقول: «إن هذا لشيء عجاب!»

وقال المستر طبمن، وهو ينظر بلهفة إلى كل ما هو منه قريب، ويحدق في كل شيء ببصره، عدا الشيء الذي يعنيه صاحبه: «ما هو هذا العجاب؟ يا عجبا ... ما الخطب، وما الأمر؟»

وكانت هذه العبارة الأخيرة صيحة تنم على الدهشة الشديدة، سببها أنه رأى المستر بكوك في حماسته للكشف، وولوعه بالتنقيب، يجثو على ركبتيه أمام ذلك الحجر الصغير، ويشرع في إزالة الغبار الذي علاه بمنديله.

وقال المستر بكوك: «أرى نقشا هنا!»

وقال المستر طبمن: «أممكن هذا؟»

ومضى المستر بكوك يقول، وهو يحكه بكل ما أوتي من قوة، وينظر بانتباه بالغ من خلال منظاره: «إنني ألمح صليبا، وأتبين حرف الباء، ثم حرف «التاء»؛ هذا شيء من الخطر بمكان، إنه بعض نقوش قديمة لعلها ترجع إلى ما قبل قيام الملاجئ القديمة في هذا الموضع بأمد طويل.»

ودق برفق باب الكوخ، فخرج له رجل يعمل في الأرض، فبادره المستر بكوك الخير الكريم بالسؤال قائلا: «هل تعرف يا صديقي كيف أتى هذا الحجر إلى هنا؟»

وأجاب الرجل بأدب قائلا: «كلا، لا أعرف يا سيدي، إنه كان هنا قبل أن أولد أو يولد أحد منا بعهد طويل.»

فنظر المستر بكوك إلى رفيقه نظرة المنتصر.

وانثنى يسأل الرجل وهو يهتز من شدة الفضول: «إنك، إنك ... أحسبك لا توليه اهتماما خاصا، فهل ترضى أن تبيعه الآن؟»

Unknown page