وأما سائر المأثم فيما عندي أنه في نقض الوضوء بذلك، كان من القتل للنفس والسرق، مما يجب به القطع أو سائر ذلك من الكبائر أو الكذب المعتمد عليه، ففي معاني ذلك كله في نقض الوضوء به اختلاف في قول أصحابنا، ولعل الاتفاق من قول قومنا أو أكثر قولهم إنه لا ينتقض الوضوء بشيء من ذلك، إلا من الأحداث في أمر النجاسات وما أشبهها إلا من طريق الإثم لغير معنى ذلك وما يشبهه من الأحداث من أمر الفرجين والملامسة، ولا يعتمد قول قومنا ولا يقبل منه إلا ما وافق العدل، وكذلك ينبغي أن يكون جميع ما جاء لا يقبل منه إلا ما وافق العدل، ولا فرق بين قول القائلين من الجميع، فمن وافق قوله العدل فهو العدل، وإياه نعتمد وبه نأخذ وإليه نستند، ومن خالف قوله العدل فلا يجوز قبول غير العدل فيه، لما تقدم منه من العدل في غير ذلك، الذي قاله من غير العدل، ولا نقول إن أحدا من المسلمين، من العلماء المهتدين يقول في الدين بغير ما وافق العدل ولا ما يخالف العدل إلا أن يكون منه ذلك على وجه الغلط أو زلة يتوب منها، أو تخوف معنى ما قيل عنه ممن نقل عنه ذلك، أو في الأثر الذي جاء عنه في ذلك، وقد يكون من علماء قومنا الصحيح من القول، وما يوافقون فيه أصحابنا، في معنى الدين والرأي، ولا يرد على أحد من الخليقة شيئا من العدل، ولا يجوز ذلك ولا يقبل من أحد من الخليقة ما يخالف العدل، ولا يجوز ذلك من الدين فيما يجوز أحكامه أحكام البدع وبتحليل الحرام وتحريم الحلال وما يكون حكمه حكم الدعاوى، فكل ذلك غير جائز قبول باطل منه، ولا رد حق بما يخالف حكم العدل بعلم بباطل ذلك أو بجهل، وإذا ثبت معنى الوضوء للمتوضىء عاريا، في موضع ما يجوز بمعاني الاتفاق والاختلاف، فسواء عندي كان يتوضا في الماء قاعدا فيه أو قائما، إلا أن القعود عندي أحسن في معنى الأدب والستر، وأما في معنى اللازم فسواء كان قائما أو قاعدا أو نائما،إذا أحكم وضوءه في موضع ما يجوز.
Page 168