لا توجد مدن جديدة في جنوب الوادي باستثناء ما يسمى بالكوثر التي لا تقارن حتى على الورق بأسيوط الجديدة أو المنيا الجديدة أو بني سويف. وكان هناك مشروع لمدينة قنا الجديدة لكن ملفه أغلق منذ بضع سنين ولا أعرف إذا كان قد فتح من جديد؟ وبطبيعة الحال بينها وبين المدن التوابع حول القاهرة الكبرى مسافة ما بيننا وبين القمر!
وفي مجال النشاط الاقتصادي نجد أن متوسط العاملين في الزراعة والإنتاج الأولى في جنوب الوادي هو في حدود 40٪ من القوة العاملة (15-65 سنة) مشابهة بذلك لمصر الوسطى. أما الصناعة التحويلية فهي شديدة التدني وغالبا ما تصل إلى نحو 5٪ أو أقل من القوة العاملة في كل الوادي جنوبه وشماله، بينما المتوسط العام لمصر نحو 15٪. وحتى في تجارة الجملة والمفرق تنخفض نسبة العاملين إلى نحو 6-7٪ وهو نصف متوسط مصر، وكذلك في الصحة والخدمات تنقص مساهمة العمالة إلى نحو نصف المتوسط العام في مصر.
ويترتب على ذلك أن مقياس الحرمان والفقر المدقع والأمية والبطالة هي في كل الوادي جنوبه وشماله أعلى ما يوجد في مصر (
انظر الشكل المقابل ). فعلى سبيل المثال نسبة الفقر في الصعيد تبلغ 48٪ من السكان مقابل 36٪ في الدلتا و13٪ في محافظات المدن!
حتى عام 2003 كانت إجمالي الشركات المؤسسة 13712 شركة في مصر، منها 538 شركة فقط في الصعيد بنسبة أقل من 4٪ من مجموع الشركات. وكانت التكاليف الاستثمارية في هذه الشركات تبلغ 218280 مليون جنيه اختص الصعيد بنسبة 4,2٪ فقط، وكان عدد العاملين قرابة المليون عامل منهم 4,6٪ في الصعيد إجمالا. هذه الضآلة في التوجهات الاستثمارية لشركات متعددة النوعية صناعية وخدمية ومالية ... إلخ، تزداد قزميتها إذا تذكرنا أن بالصعيد نحو 28,5٪ من سكان مصر عام 1996. (11-2) ماهية مقترحات تنمية جنوب الوادي
لا شك في أن هناك عشرات الأفكار للتنمية لكل الوادي من بني سويف إلى أسوان. لكن لا شك أيضا في أن أحسن الأفكار والرؤى ليست بالضرورة أكثرها طموحا وأجملها ورودا، فأحسن الأفكار التي يمكن تبنيها هي الأفكار العملية النابعة من المواقف القائمة باتفاق غالبية الناس على جدواها في معالجة أحوالهم والرقي بما لهم وللأجيال الجديدة. وهي في ذات الوقت الأفكار التي يمكن تنفيذها مرحليا حسب شدة الاحتياج من ناحية، وحسب القدرات المتاحة المالية والعلمية التطبيقية والاجتماعية مع التخطيط المرن بمشاركة الناس، وربما كانت الأموال اللازمة هي الركن الأساسي، ويمكن تدبيرها بمشاركة ثلاثية الأطراف: الدولة كحق واجب، والمستثمرون كعوائد لنجاحهم، وأخيرا: السكان المستفيد الأول والأخير من أية مشروعات تنمية اقتصادية اجتماعية ثقافية وصحية. (11-3) معطيات الجبل والصحراء في جنوب الوادي
أول المعطيات وقاعدتها هي الأرض التي تنقسم إلى أراضي الزراعة الحالية والمستقبلية، وأراضي المجالات الحيوية
Lebensraum
التي تتفاعل مع أماكن واسعة لعلاقات العمل والهجرة النشطة. فهناك الاتجاه شرقا إلى البحر الأحمر حيث مجالات العمل في نطاق خدمات السياحة ونطاقات المناجم والمحاجر لأنواع فاخرة من أحجار الزينة والواجهات، مثل السماق الإمبراطوري البللوري الأبيض والوردي
في جبل دخان والجرانيت الأسود وغير ذلك من الموارد التعدينية. وهناك الاتجاه غربا إلى الصحراء الغربية حيث مجالات التنمية الحالية في مشروعات الزراعة في نطاق دروب الأربعين وشرق العوينات، بل وربما أيضا في منطقة العوينات وهضابها بما فيها من سياحة السفاري وما قد يتولد من ثروات طبيعية ومياه جوفية تكتشف بكثرة الارتياد وتعدد الرحلات، ذلك أن كثرة الحركة تجلب المناطق المنعزلة إلى دوائر الاهتمام يلتقطها فرد أو هيئة بالصدفة أو بتوجه مسبق فتفتح آفاقا متعددة.
Unknown page