106

Mirqāt al-Mafātīḥ sharḥ Mishkāt al-Maṣābīḥ

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

Publisher Location

بيروت - لبنان

حَدِيثِ فَضَالَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ بِإِسْنَادِهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَسَاقَهُ بِلَفْظِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْمُؤْمِنَ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَهُوَ حَدِيثٌ جَلِيلٌ اشْتَمَلَ عَلَى أُصُولٍ كَثِيرَةٍ فِي الدِّينِ يَطُولُ ذِكْرُهَا.
٣٤ - وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ " بِرِوَايَةِ فَضَالَةَ: " «وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ» ".
ــ
٣٤ - (وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ بِرِوَايَةِ فَضَالَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ هُوَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ أُحُدٌ، ثُمَّ شَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الشَّامِ فَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَقَضَى بِهَا لِمُعَاوِيَةَ زَمَنَ خُرُوجِهِ بِصِفِّينَ، وَمَاتَ بِهَا فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، رَوَى عَنْهُ مَيْسَرَةُ مَوْلَاهُ، وَغَيْرُهُ. (وَالْمُجَاهِدُ) أَيِ الْحَقِيقِيُّ («مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ») إِذْ هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ، وَيَنْشَأُ مِنْهُ الْجِهَادُ الْأَصْغَرُ. (وَالْمُهَاجِرُ) أَيِ الْكَامِلُ («مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ») أَيْ تَرَكَ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ، وَقِيلَ: الذَّنْبُ أَعَمُّ مِنَ الْخَطِيئَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَنْ عَمْدٍ بِخِلَافِ الْخَطِيئَةِ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ التَّمَكُّنُ مِنَ الطَّاعَةِ بِلَا مَانِعٍ، وَالتَّبَرُّؤُ عَنْ صُحْبَةِ الْأَشْرَارِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي اكْتِسَابِ الْخَطَايَا، فَالْهِجْرَةُ التَّحَرُّزُ عَنْهَا، فَالْمُهَاجِرُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْمُتَجَانِبُ عَنْهَا.
٣٥ - وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: قَلَّمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَّا قَالَ: " «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ــ
٣٥ - (وَعَنْ أَنَسٍ) ﵁ (قَالَ: قَلَّمَا خَطَبَ): " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ قَلَّ خُطْبَةً خَطَبَنَا (رَسُولُ اللَّهِ ﷺ) وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَافَّةً، وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ، أَيْ مَا وَعَظَنَا (إِلَّا قَالَ) أَيْ فِيهَا، وَلَعَلَّ الْحَصْرَ غَالِبِيٌّ. (لَا إِيمَانَ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ (لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ): فِي النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَقِيلَ: فِيمَا اسْتُؤْمِنَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ الَّتِي كُلِّفَ بِهَا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ﴾ [الأحزاب: ٧٢]

1 / 108