Mirʾāt al-jinān wa-ʿibrat al-yaqẓān fī maʿrifa mā yaʿtabar min ḥawādith al-zamān
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر¶ من حوادث الزمان
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
هوالبحر إن كلفت نفسك خوضه ... تهالكك في أمواجه بالتلاطم
وقد قيل إن يزيد بن حاتم المذكور توفي سنة خمس وثمانين ومائة، وسنعيد ذكر ترجمته هناك مع زيادات على ترجمته هنا، ان شاء الله تعالى، ويزيد بن حاتم المذكور أخوه روح بضم الراء وسكون الواو قبل الحاء المهملة ابن حاتم من الكرماء الأجواد، ولي لخمسة من الخلفاء: السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد، ويقال: انه لم يتفق مثل هذا إلا لأبي موسى الأشعري الصحابي، رضي الله تعالى عنه، فإنه ولي لرسول الله ﵌ ولأبي بكروعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم. وكان روح واليًا على السند بتولية المهدي بن أبي جعفر المنصور في سنه تسع وخمسين، وقيل ستين ومائة، وكان قد ولاه في أول خلافته الكوفة، ثم عزله عن السند سنة إحدى وستين ومائة، ثم ولاه البصرة. فلما توفي أخوه يزيد في السنة المذكوره بإفريقية في مدينة القيروان، وكان قد قال أهل إفريقية: ما أبعد ما يكون بين قبري هذين الأخوين: فإن هذا هنا وأخاه بالسند، فاتفق أن الرشيد عزل روحًا عن السند، وسيره إلى موضع أخيه يزيد، فوصل إلى إفريقية في أول رجب سنة إحدى وسبعين ومائة، ولم يزل واليًا عليها إلى أن توفي بها، فدفن مع أخيه في قبر واحد، فعجب الناس من هذا الاتفاق بعد ذلك التباعد والافتراق، وكان تولية المنصور يزيد المذكور على إفريقية عندما قتلت الخوارج عامله فيها، وجهز معه خمسين ألف مقاتل حين زار المنصور بيت المقدس، وكان قد ولاه قبل ذلك على مصر. وفي السنة المذكورة توفي إمام اللغة والعروض والنحو الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي، وقيل في سنة خمس وسبعين ومائة، وقيل في ستين ومائة، وقيل ثلاثين ومائة، وغلط ناقل هذا القول الأخير، وممن نقله ابن الجوزي والواقدي، وهو الذي استنبط علم العروض وحصر أقسامه في خمس دوائر، استخرج منها خمسة عشر بحرًا، ثم زاد فيه الأخفش بحرًا، سقاه المجتث، قلت وله أسماء أخرى ذكرتها في علم العروض، وقيل إن الخليل دعا بمكة أن يرزق علمًا لم يسبق إليه أحد، فلما رجع من حجه فتح عليه بعلم العروض، وله معرفة بالايقاع والنغم، وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض، فإنهما متقاربان في المأخذ. وقال حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه المسمى بالتنبيه على حدوث التصحيف: وبعد فإن دولة الإسلام لم تخرج أبدع العلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول إلا
1 / 281