Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
واليد تستعمل بمعنى الجارحة وبمعنى النعمة، وعليه يحمل قوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان}، بدليل ما قبل هذه اللفظة وما بعدها، ولا يقال فما معنى التثنية؛ لأن العرب تستعملها مثناة بهذا المعنى، قال الشاعر:
فيدان بيضاوان عند محلم .... قد يمنعانك بينهم أن تهضما
/141/ وتستعمل بمعنى القدرة، وعليه يحمل قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، وقد ينبني بهذا المعنى كقوله:
فقالا شفاك الله والله ما بنا .... لما حملت منك الضلوع يدان
وبمعنى المظاهرة كما قال عليه السلام: وهم(1) يد على من سواهم، أي متظاهرون، وبمعنى النقد والإحضار كما قال عليه السلام في باب الربا: يدا بيد. وقال تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} وبمعنى أمام إذا قرن بها بين وثنيت نحو: {بين يدي عذاب شديد}،و: قام فلان بين يدي الأمير، ونحوه.
ومنها: قوله: ولتصنع على عيني، و: {اصنع الفلك بأعيننا}، ونحوه.
والجواب: لا بد من ترك ظاهرها لاقتضائها أن يكون موسى فوق عين الله ونوح في عينه، أو أن تكون عينه له في صناعة الفلك، وكله محال، والمعنى: ولتصنع بعلمي، وكذلك سائرها، وقيل: العين تستعمل بمعنى المراعاة للشيء والعناية كما قال ابن حلزة:
وبعينيك أو قدت هند النار .... عشاء بلوى بها العلياء
فنورت نارها من بعيد .... بخزازي هيهات منك الصلاء
فقوله: فنورت نارها من بعيد دليل على أنه لم يرعها، ولكن عرف بعنايته، فيكون المعنى على هذا: ولتصنع على مراعاة مني وحياطة. والعين مشتركة بين الجارحة والماء الجاري وعين الركبة والنقد الحاصل، يقال: بعت عينا بدين، والمطر، وعين الميزان، والذهب، وبمعنى الاستكثار والغبطة، يقال: أصاب فلانا عين، أي فساد لأجل استعجاب الغير به، وعين الشمس وعين موضع بالعراق، وعين الشيء خياره، وعين القوم رئيسهم، وعين الرأي ذاته.
Page 213