210

Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genres

Qur’an

ومنها: قوله: {يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله}. والجواب: أن الظاهر متروك؛ لأن التفريط في الجنب الذي هو العضو غير معقول، والمعنى في الجانب الذي لله، كما قال الشاعر:

الناس جنب والأمير جنب

وقيل: معناه في أمر الله عن مجاهد، واستشهد قول الشاعر:

خليلي كفا واذكرا الله في جنبي .... فقد نلتما من غير إثم ولا ذنب

أي اذكراه في أمري وشأني واتركا الغيبة.

وقيل: معناه من أجل الله ويشتبه كما قال كثير عزة:

فما ظنة في جنبك اليوم منهم .... أزن بها إلا اضطلعت احتمالها

أي ما تهمه إلا من أجلك وبسببك وكل ذلك حسن.

ومنها: قوله: {يوم يكشف عن ساق} روى أهل الزيغ فيه حديثا أن ربهم يأتيهم يوم القيامة في غير صورته التي يعرفون فيهمون أن يبطشوا به لإنكارهم له، فيكشف لهم عن ساقه فيخرون له سجدا /142/ والجواب: أن الظاهر متروك أيضا، إذ لا فائدة في كشف الساق الذي هو الجارحة، فإن الوجه واليد ونحوهما أظهر منه وأحسن، ويقتضي أن يكون فعله فعل المخادع تعالى الله عن ذلك. والمعنى يوم يكشف عن شدة، قاله مجاهد، قال ابن عباس: هي أشد ساعة في القيامة. ومنه قولهم: قامت الحرب على ساق، قال سعد بن مالك جد طرفه يصف الحرب:

كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشر الصراخ

وقال آخر:

وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا

فصل

وأما أنه تعالى لا يجوز أن يكون عرضا فقد خالف فيه بعض الصوفة، زعموا أنه عرض يحل الصور الحسنة، وهؤلاء أحقر من أن يكالموا، وإنما أرادوا بذلك أن يقبلوا الصور الحسنة من الصبيان وغيرهم.

لنا أن الأعراض محدثة والله تعالى قديم كما تقدم تفصيله. وبعد فالله تعالى حي قادر، والعرض يستحيل ذلك عليه من حيث إما أنه يستحق هذه الصفة لذاته وهو محال وإلا وجب قبله في كل عرض ولزم ما تقدم من المحالات. وإما أن يستحقها بالفاعل وفي ذلك حدوثه وامتناعها لم يزل. وإما أن يستحقها لمعنى وهو محال؛ لأن المعنى لا يختص المعنى.

Page 214