173

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وبعد فنحن نقول يستحيل حصول العالمية من دون ما يوجبها، لكن الموجب لها في حقه تعالى يخالف الموجب لها في حقنا، وهو ذاته تعالى كما أن المصحح قد يختلف اتفاقا. يزيده تأكيدا، أن المصحح لقيام المعاني بنا هو التحيز، وفي حق الباري تعالى عندهم هو الذات.

شبهة: قالوا: لو علمنا بكونه تعالى قادرا يخالف علمنا بكونه عالما، فلا بد أن يكون متعلق هذين العلمين مختلفا، وليس إلا العلم والقدرة؛ لأن الذات واحدة.

والجواب: إنما اختلفا لأن كل واحد منهما تعلق بالذات على حال في حكم المخالفة للأخرى، ثم يقال لهم: هذا إقرار بأن المعاني القديمة متغايرة؛ لأن المخالفة أبلغ من المغايرة، وبعد فقد قال الرازي في كتاب الأربعين مستدلا على أنه تعالى عالم بجميع المعلومات أنه تعالى حي، ومن كان حيا صح أن يعلمها أجمع، قال: والموجب لعالميته هو ذاته ونسبة الذات إلى الكل على السوية، فانظر كيف رجع إلى قول المعتزلة عند صدق الخناق، وهو ممن يثبت المعاني، فهلا قال بأنه عالم لذاته وترك معانيه هذه.

شبهة سمعية، قالوا: قال تعالى: {أنزله بعلمه} ولا يضع إلا بعلمه، {ولا يحيطون بشيء من علمه}.

Page 177