131

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

أما أنه قد صح منه الفعل المحكم فذلك ظاهر /88/ في ملكوت السماوات والأرض، فإن في ذلك من عجائب الصنعة وغرائب الحكمة ما تقصر عنه الأوصاف وتحتار فيه الأفكار من أنواع النبات وأصناف الحيوانات وأجناس المخلوقات، وتفاصيل ذلك بحسب مصالح المكلفين من غير زيادة ولا نقص.

فإن قيل: ما أنكرتم أن الله تعالى أوجد هذه الأشياء وأحكمها غيره.

قلنا: ذلك الغير، إما أن يكون قديما وهو محال؛ لأنه لا يأتي لله، وإما محدثا، وهو إنما يكون، قادرا بقدرة، وعالما بعلم، وذلك يحتاج إلى بنية مخصوصة يحتاج إلى غاية الإحكام، فيجب في فاعله أن يكون عالما، وذلك كاف في حصول الغرض؛ لأن فاعله هو الله، وإلا لزم التسلسل.

وإما أن من صح منه الفعل المحكم فهو عالم، فلأن ذلك هو معنى العالم وهو ضروري على الجملة بدليل أن العقلاء يصفون من هذه حاله بأنه عالم.

فصل

وطريقة التفصيل فيه أنا وجدنا في الشاهد قادرين صح من أحدهما الإحكام دون الآخر، فلا بد من أمر له صح، وذلك الأمر ليس إلا صفة ترجع إلى الجملة في الشاهد وإلى الحي في الغايب، وتصحيح هذا يجري على نحو ما تقدم في مسألة قادر، وقد خالف أبو الحسين وابن الملاحمي وغيرهما في إثبات حالة للعالم على الحد الذي يثبته سائر الشيوخ، وأثبتا له تعالى تعلقا، وهو التبين، وجعله ابن الملاحمي حكما للقلب في الشاهد، وللذات في حق الباري تعالى، والفرق بين كلامه وبين كلام الجمهور أنهم يثبتون حاله وتعلقا زائدا عليها، وهو أثبت التعلق فقط، وجعله حاله، واستدل على أنه حالة للقلب بأنه لا يعقل من دون القلب، ولو كان حاله للجملة لتساوت أجزاؤها فيه كما تساوى الأجزاء السود في السواد.

قال: ونحن نجد هذا التبين في ناحية الصدر ولا نجد الأعضاء متساوية فيه.

ويمكن أن يعترض فيقال إن كونه لا يعقل من دون القلب لا يقتضي كونه حالا للقلب وإلا لزم أن تكون الكتابة حالة لليد لأنها لا تعقل إلا بها.

Page 135