362

Minah Makkiyya

Genres

============================================================

بل ولا يقتضي أن الله تعالى ظهر له شيء بعد أن لم يكن، وزعم اليهود: أنه يستلزمه، فمنعوا السخ، وزعم كفرة الرافضة: أنه يجوز البداء عليه؛ لوقوع النسخ منه، وهذا أغلظ من الأولين من كفر اليهود، فعلم الجواب عن قولهم : الفعل إما حسن فيستحيل النهي عنه، أو قبيح فيستحيل الأمر به، فالنسخ محال على التقديرين) وبيانه : أن التحسين والتقبيح العقليين باطلان، وبتسليمهما فالعقل العادي قاطع بأن الفعل قد يكون مصلحة في وقت، مفسدة في وقت آخر، وكذا بالنظر للمكلف، يكون مصلحة في حق واحد، مفسدة في حق آخر، ولا مانع أن علمه تعالى يتعلق بأن حرمة كذا تنتهي بوقت أو فعل كذا.

قالوا : والسمع يمنع النسخ أيضا ؛ لأن اللفظ الدال على شرع موسى عليه السلام اما أن يدل على الدوام، فإن ضم إليه ما يقتضي نسخه. فهو تناقض، وإن لم ينضم له ذلك.. كفى في العمل به مرة، فلا يتصور فيه تسخ: قالوا: ومما يمنعه أيضا ما علم بالتواتر من قول التوراة : تمسكوا بالسبت أبدأ، وجوابه: أنهم في زمن بختنصر قتلوا حتى لم يبق منهم إلا دون عدد التواتر، بل قيل: إنهم لم يبق منهم إلا ستة أطفال، على أن الأبد كثيرا ما يراد به الزمن الطويل ، كما في التوراة في صور كثيرة.

(وكم) أي : مرات كثيرة (ساق وبالأ) أي : عذابا (إليهم استقراء) وفي هذين (قالت) و(مقالة) السابقين جناس الاشتقاق كرد العجز على الصدر وفي (المسخ) و(السخ)، و(نسخ) و(مسخ) الجناس اللاحق، و(خالفوهم) و(حالفوهم) الجناس المضارع؛ لقرب المخرج، والمصحف، وقوله: (وكم...) الخ من التذييل البديع: وأراهم لم يجعلوا الواحد القه حار في الخلق فاعلا ما يشاء (وأراهم) أي : أعلم أنهم لقولهم بذلك - أعني : امتناع النسخ؛ لئلا يلزم البداء - (لم يجعلوا) أي : لم يعتقدوا (الواحد) في ذاته وصفاته وأفعاله، فلا شريك له بوجه ما (القهار في الخلق) أي: للخلق على تفوذ ما أراده فيهم، ويصح تعلقه ب

Page 362