============================================================
لا يرتفع، بل ينتهي فلا يكون نسخأ.. ممنوع ، بل هو نسخ، وحينئذ فالخلاف لفظي واعلم: آن شريعة تبينا محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع اجماعا، واختلفوا في شريعة عيسى عليه السلام: هل هي ناسخة لشريعة موسى عليه السلام أو مخصصة؟ والأظهر: أنها مخصصة لا ناسخة؛ لقوله تعالى: ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم قال الإمام في " تفسيره" : (روي: أن الرسل تبقى بعد موسى كلهم على شريعته إلا شريعة عيسى) تنبيه: ذكر الإمام أيضا في " المطالب العالية " في الحكمة في نسخ الشرائع كلاما حسنا فقال : (الشرائع منها ما يعرف نفعه بالعقل معاشا ومعادا، فهذا يمتنع طروء النسخ عليه، كمعرفة الله تعالى ، وطاعته أبدا، ومجامع هلذه الشرائع العقلية أمران : التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله تعالى، ومنها سمعية لا يعرف الانتفاع بها إلا من السمع، وهذا يمكن طروء نسخه وتبديله، وحكمة نسخه : أن الأعمال البدنية إذا واظب عليها الخلف عن السلف.. صارت كالعادة، وظن أنها مطلوبة لذاتها، فيمتنع الوصول بها لما هو المقصود من الأعمال إلى معرفة الله تعالى وتمجيده، بخلاف ما إذا تغيرت تلك الطريق، وعلم أن المقصود من الأعمال إنما هو رعاية أحوال القلب والروح في المعرفة والمحبة، فإن الأوهام تنقطع عن الاشتغال بتلك الصور والظواهر إلى تطهير السرائر) وقال غيره: حكمته: أن الخلق طبعوا على الملالة من الشيء، فوضع في عصر كل رسول شريعة جديدة؛ لينشطوا في آدائها، وأعظم حكمة إظهار شرف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فانه نسخ بشريعته شرائعهم، وشريعته صلى الله عليه وسلم لا ناسخ لها.
ومن حكم النسخ أيضا : ما فيه من حفظ مصالح العباد، كطبيب يأمر بدواء في يوم، وبآخر في يوم ثان.. وهلكذا بحسب المصلحة وإن كان الثاني أبعد.
تبيه آخر: ما زعمه اليهود : آن النسخ يستلزم البداء.. باطل؛ لما تقرر أن المصالح الداعية للنسخ ترجع إما لأحوال المكلفين ، أو الأزمنة، وذلك لا يستلزم،
Page 361