============================================================
الغداء(1)، وهو: ما قبل الزوال (بالصاع) الواحد، وهو : قدحان بالكيل المصري تقريبا (ألف جياع وتروى بالصاع ألف ظماء) جمع ظاميء؛ أي : عاطش.
أما ترؤي الألف الظماء بالماء القليل النابع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم تارة، وببركة دعائه أخري.. فقد مر الكلام عليه مستوفى، والتعبير (بالصاع) فيه..
المراد به: الماء القليل جدا، كما يعلم مما مر، وإنما ذكره على جهة مجاز المشاكلة لما قبله، نحو: وجزاؤا سيئو سيئة مثلها}، ومكرواومكر الله}، تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك} وبل الألف) .. المراد به : العدد الكثير ، ففي بعض المواطن كالحديبية كانوا ألفا وأربع مثة أو خمس مثة، وفي بعض المواطن كانوا ثلاث مثة، وفي بعضها كانوا أقل، وفي غزوة تبوك كانوا ألوفا مؤلفة .
وأما تغدي الألف الجياع بالصاع.. فهو ما في " الصحيحين" عن جابر رضي الله عنه: أنه رأى بالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق جوعا شديدا، فذهب لامرأته وأخبرها، فأخرجت صاعا من شعير، وشاة داجنا- آي : سمينة- فذبحتها، وطحت الشعير، فلما وضعت اللحم في البرمة.. ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم وأخبره، وطلب أن يأتي بنفر معه ، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أهل الخندق؛ إن جابرا صنع سورا ، فحي هلا بكم " ثم أمره أن لا ينزل البرمة ولا يخبز العجين حتى يجيء، فلما جاء صلى الله عليه وسلم.، بصق في العجين وبارك في البرمة، ثم أمرها أن تدعو خابزة تخبز معها، وأن تغرف من برمتها ولا تنزلها، قأكلوا وهم ألف حتى تركوه، وإن عجينهم وبرمتهم كما هما(2) وفيهما أيضأ إلا بعض زيادات ففي لا مسلم " عن أنس رضي الله تعالى عنه في غزوة الخندق أيضا: أن عمه زوج آمه أبا طلحة عرف جوع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوته، فذكر ذلك لأم سليم زوجته، فأخرجت أقراصأ من شعير، ولفتها بخمار، وأعطتها لأنس، ولفت طرف الخمار على رأسه مرتين كالعمامة، وأرسلته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده بالمسجد- أي: الموضع الذي أعده (1) كذا في النسخ، ولعل الصواب : الغداة.
(2) البخاري (4101)، ومسلم (2039)، والشور: كلمة فارسية، وهو: الطعام الذي يدعى اليه.
Page 294