كان لأجل خطور الشك في قلبه من ملاحظة أخبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما ورد فيهما من التحريص عليهما والوعيد على تركهما، وقال: إني تمكنت في هذا الزمان ما لم يتمكن منه غيري فلم يحصل لي يقين الخروج عن عهدة هذا التكليف ولا انكشف عن قلبي حجاب الشك إلا بمجيئك لدي وشفاعتك في تركي الاعتزال عن التدريس. ثم أخذ بيده وخرج مظهرا للجماعة المنتظرة لقدومهما أن تبدل رأيه وانصرافه عن ترك التدريس كرامة لسيدنا الجواد (رحمه الله).
وهذا يدل على أن قوله ورأيه كان معتبرا لدى السيد أكثر من اعتبار رأي فقيه محقق، بل كان اعتبار رأيه عنده في حد اعتبار الحجة الشرعية والآية الربانية، فلاحظ وتأمل.
ويقال: إن الشيخ جعفر أراد أن يرسل الفقيه المعظم صاحب الجواهر إلى أصفهان، فاستشار في ذلك أستاذه صاحب الترجمة فمنعه من ذلك وبشره بأنه سيكون قريبا صاحب المنبر الأعظم للتدريس في النجف الأشرف فكان الأمر كما قال.
استقامته وثباته في المسير:
كان صاحب الترجمة في أمر درسه وتحقيقه من أول الأمر ولا يزال ثابت القدم قوي الإرادة، عظيم الهمة، لم يرجع عن عزمه وتصميمه ولو ساعة واحدة بل كان يشتغل جميع الأوقات في تحقيقه وكتابته، ليله ونهاره إلا برهة يسيرة منهما استثناها لأجل الواجبات الشرعية أو الأمور الضرورية كالأكل والنوم.
حكي عن ابنته - وكانت على ما يقال مشهورة بالتقوى - أنها قالت: كان والدي يكتب ويقرأ وكتبه كلها مفتوحة بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله وهو يدور عليها والقلم والكاغد بيده يطالع ويكتب وكان كثيرا ما ينسى أكل طعامه في وقته فالتزمت والدتي أن تقدم الطعام إليه كل يوم وليلة في وقته وتنبهه على تناوله في حينه.
ومما اشتهر عنه أن سبطه الشيخ رضا ابن زين العابدين كان معه في داره
Page 6