خاتمة التمهيد الكلى ولما كان متعلق معرفة كل عارف والذي يمكن ادراك حكمه انما هو مرتبة الحق سبحانه، أعني الألوهة واحديتها أمر في كتابه العزيز نبيه الذي هو أكمل الخلق مكانة واستعدادا فقال: فاعلم أنه لا إله إلا الله (19 - محمد) منبها له ولمن تبعه على ما يمكن معرفته والظفر به. ومعلوم ان الألوهية مرتبة مرتبطة بالمألوه ومرتبط بها المألوه لما يقتضيه سر التضايف وانها واحدة، لما يلزم من المفاسد ان لو لم يكن كذلك - كما اتضح لاولى الألباب -.
فتبين حينئذ ان متعلق طلبنا من حيث نحن إذا وفقنا، هو ان نعرف نسبة مألوهيتنا من إلوهيته وحكمها فينا بنسبها المعبر عنها بالأسماء.
وهذا هو معرفة صورة ارتباط العالم بموجده وارتباط موجده به، وليس الا من نسبة تجليه الوجودي المنبسط على أعيان المكونات حتى انصبغت بنوره، لاستحالة حصول غير ذلك من الحق - كما مر - ولهذا السر أمر سبحانه نبيه عليه السلام بقوله: وقل رب زدني علما (14 - طه) فالعلم بالحق سبحانه وبكل شئ لا يقبل الزيادة الا من حيث تفصيل المجملات وزيادة التعلقات، الناشئة من اختلاف الوجوه والاعتبارات والنسب والإضافات، وهذا لا يصح الا فيما يكون من الحق وفيما ليس بواحد - وحدة حقيقية - ولا يصح في حق الحق سبحانه من حيث وحدته الذاتية، فان انضاف إليه فمن حيث نسب الألوهة والعلم والأسماء الآتي ذكر احكامها ورقائقها والسابق ذكر أصولها ومراتبها.
فاستحضر ما سمعت وأضفه إلى ما يسرد عليك وراع نسبة الكلام بعضه إلى بعض، ولا تنفر مما يتوهم فيه من التكرار، ففي ذلك اسرار وما نبأ عنه الفهم (1) فسيكشفه
Page 33