Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Genres
الأول: على الأوليين وهو أننا نركم ما قد أطردوا بعكس، ولم يجر إثبات لفظ الحد ونفي المحدود لا العكس، ومع هذا فليس بحد، وقد قلتم أن الطريق الواحدة كافية في معرفة صحة الحد، وهو كل جسم، فقد علم الله أنه جسم، وكل منا علم الله أنه جسم، فهو جسم فنلزمكم أن يكون هذا حد للجسم. وأجيب بأنا لم نعتبر الطرق إلا مع اجتماع الشرائط وهي غير مجتمعة هاهنا بل محتلة، وقيل: نحن نلتزم كون هذا حدا صحيحا وإن كان غيره أوقع وسباق لفظه أعدت وفيه نظر، الإعتراض الثاني على الطريقة الثالثة وهو أن اعتباركم لها في معرفة صحة الحد غير صحيح؛ لأن صحة الحد وفساده تعتبر بإجماع شرائط الصحة فيه واحتلالها لا بما ذكرتموه من كونه أقرب إلى إفهام أهل ذلك الفن، فإن هذا أمر خارج عن الحد وأفهام ذوي الأفهام يختلف قرب كامل الشروط من الحدود حسن التأليف متضح المعنى لا يفهمه ذو اللب السقيم كما قال المتنبي:
وكم من عائب قولا صحيحا ... وافيه من الفهم السقيم
ويلحق بها تقدم فائدة وهي مما يحد وما لا يحد، وما يحد بهوما لا يحد به، أما الذي يحد فهو ما كان له معنى خفي. نجيب: أنه يعرف تأثير الحد في جلائة، فهذا يجب تحديده. وأما ما لا يحد فهو كأسماء الأعلام لأنها غير موضوعة لمعنى يصح تحديده بها، والحدود موضوعة للمعاني فلا يتصور تحديدها وهاهنا قسم وهو ما يصح أن يحد، ولكن لا حاجة إلى تحديده نحو الأشياء الطاهرة كالسماء والأرض والحجر والسحر وحو ذلك، فإن العلماء يضربون عن تحديد ما هذا سبيله لمعرفتهم بطهوره. وأما ما يحد به فهو كل لفظ جلي له معنى مفرد دل على معنى خفي. وأما ما لا يحد به فهو أسماء الأعلام.
وهاهنا قسم ثالث. وهو ما يحد به في حال دون حال، وذلك كالمجاز والألفاظ المشتركة، فإن حصلت قريبة يفهم بها المعنى المجازي أو يخصص بعض المعاني المشتركة جاز التحديد بها، وإلا لم يجز.
Page 56