Mawʿiẓat al-muʾminīn min Iḥyāʾ ʿulūm al-dīn
موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
Editor
مأمون بن محيي الدين الجنان
Publisher
دار الكتب العلمية
فَضِيلَةُ الدُّعَاءِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) [الْبَقَرَةِ: ١٨٦] وَقَالَ تَعَالَى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الْأَعْرَافِ: ٥٥] وَقَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غَافِرٍ: ٦٠] وَقَالَ تَعَالَى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الْإِسْرَاءِ: ١١٠] .
وَقَالَ ﷺ: الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ.
وَقَالَ ﷺ: سَلُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ.
آدَابُ الدُّعَاءِ:
الْأَوَّلُ: يَتَرَصَّدُ لِدُعَائِهِ الْأَوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ كَيَوْمِ عَرَفَةَ مِنَ السَّنَةِ وَرَمَضَانَ مِنَ الْأَشْهُرِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْأُسْبُوعِ وَوَقْتِ السَّحَرِ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ تَعَالَى: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذَّارِيَاتِ: ١٨] .
الثَّانِي: أَنْ يَغْتَنِمَ الْأَحْوَالَ الشَّرِيفَةَ كَحَالِ زَحْفِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَحَالَةِ السُّجُودِ.
وَبِالْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ شَرَفُ الْأَوْقَاتِ إِلَى شَرَفِ الْحَالَاتِ أَيْضًا إِذْ وَقْتُ السَّحَرِ وَقْتُ صَفَاءِ الْقَلْبِ وَإِخْلَاصِهِ وَفَرَاغِهِ مِنَ الْمُشَوِّشَاتِ. وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْهَمِّ وَتَعَاوُنِ الْقُلُوبِ عَلَى اسْتِدْرَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ ﷿.
الثَّالِثُ: أَنْ يَدْعُوَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ.
قَالَ «عمر» ﵁: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ.
وَقَالَ «ابْنُ عَبَّاسٍ»: كَانَ ﷺ إِذَا دَعَا ضَمَّ كَفَّيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ فَهَذِهِ هَيْئَاتُ الْيَدِ، وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ.
الرَّابِعُ: خَفْضُ الصَّوْتِ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرِ، قَالَتْ عائشة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) [الْإِسْرَاءِ: ١١٠] أَيْ بِدُعَائِكَ، وَقَدْ أَثْنَى تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا ﵇ حَيْثُ قَالَ: (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا) [مَرْيَمَ: ٣] وَقَالَ تَعَالَى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) [الْأَعْرَافِ: ٥٥] .
الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ السَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُجَاوِزَ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةَ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْتَدِي فِي دُعَائِهِ فَيَسْأَلُ مَا لَا تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَتُهُ، فَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنُ الدُّعَاءَ.
1 / 84