74

Mawʿiẓat al-muʾminīn min Iḥyāʾ ʿulūm al-dīn

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Editor

مأمون بن محيي الدين الجنان

Publisher

دار الكتب العلمية

أَحَدَهُمْ لَيَقْرَأُ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يُسْقِطُ مِنْهُ حَرْفًا وَقَدْ أَسْقَطَ الْعَمَلَ بِهِ ".
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَيَلْعَنُ نَفْسَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ يَقُولُ: (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هُودٍ: ١٨] وَهُوَ ظَالِمٌ نَفْسَهُ أَلَا: (لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آلِ عِمْرَانَ: ٦١] وَهُوَ مِنْهُمْ.
ظَاهِرُ آدَابِ التِّلَاوَةِ:
الْأَدَبُ الْأَوَّلُ فِي حَالِ الْقَارِئِ:
وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوُضُوءِ وَاقِفًا عَلَى هَيْئَةِ الْأَدَبِ وَالسُّكُونِ إِمَّا قَائِمًا وَإِمَّا جَالِسًا، مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ مُطْرِقًا رَأْسَهُ غَيْرَ مُتَرَبِّعٍ وَلَا مُتَّكِئٍ وَلَا جَالِسٍ عَلَى هَيْئَةِ التَّكَبُّرِ، فَإِنْ قَرَأَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ كَانَ مُضْطَجِعًا فِي الْفِرَاشِ فَلَهُ أَيْضًا فَضْلٌ وَلَكِنَّهُ دُونَ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [آلِ عِمْرَانَ: ١٩١] فَأَثْنَى عَلَى الْكُلِّ وَلَكِنْ قَدَّمَ الْقِيَامَ فِي الذِّكْرِ ثُمَّ الْقُعُودَ ثُمَّ الذِّكْرَ مُضْطَجِعًا.
الثَّانِي فِي مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ:
وَلِلْقُرَّاءِ عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الِاسْتِكْثَارِ وَالِاخْتِصَارِ، وَالْمَأْثُورُ عَنْ «عثمان وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ» ﵃ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ يُقَسِّمُونَهُ سَبْعَةَ أَحْزَابٍ.
الثَّالِثُ: التَّرْتِيلُ: هُوَ الْمُسْتَحَبُّ فِي هَيْئَةِ الْقُرْآنِ لِأَنَّا سَنُبَيِّنُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقِرَاءَةِ التَّفَكُّرُ، وَالتَّرْتِيلُ مُعِينٌ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ نَعَتَتْ «أم سلمة» ﵂ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا هِيَ تَنْعِتُ قِرَاءَتَهُ مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا.
قَالَ «ابْنُ عَبَّاسٍ» ﵄: «لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ أُرَتِّلُهُمَا وَأَتَدَبَّرُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ هَذْرَمَةً» وَجَلِيٌّ أَنَّ التَّرْتِيلَ وَالتُّؤَدَةَ أَقْرَبُ إِلَى التَّوْقِيرِ وَالِاحْتِرَامِ وَأَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي الْقَلْبِ مِنَ الْهَذْرَمَةِ وَالِاسْتِعْجَالِ.
الرَّابِعُ الْبُكَاءُ: وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ مَعَ الْقِرَاءَةِ، وَمَنْشَؤُهُ الْحُزْنُ وَذَلِكَ أَنْ يَتَأَمَّلَ مَا فِيهِ مِنَ

1 / 77