Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Genres
ونذكر من كلامه عليه السلام ما هو مقصود كتابنا هذا، قال رضوان الله عليه في وصيته: (ويقول هذا العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير المهدي لدين الله: أحمد بن يحيى بن رسول الله، أنه أوصى إلى عترته وأسرته، ويوصي بها كل مكلف مربوب، كما أوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب ?يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون?[البقرة:132] حتى قال: وأوصي كل من آتاه الله الحكمة بما أوصى به في محكم كتابه حيث قال: ?وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه?[آل عمران:187] ?واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله?[البقرة:281] ولعمري أنه لا تقوى نافعة إلا مع بصيرة واقعة، فالورع من غير علم كخبط في دجنة ظلماء، والعلم من غير ورع كسراج في يد أعمى، وكفى بقوله تعالى تنبيها على حاجة التقوى إلى العلم: ?إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون?[الأعراف:201] ولا سبيل إلى العمل بهذه الآية إلا لعالم عامل، يرجع إلى الانتعاش عند عثرته بهدى بصيرته، إلى أن قال: وآمر من مكارم الأخلاق بما أمر به الملك الخلاق حيث قال: ?وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا?[النساء:36] وبما حكاه الله عمن آتاه الله الحكمة حيث قال: ?يابني أقم الصلاة [45أ]وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور?[لقمان:17]، ?واغضض من صوتك?[لقمان:19]، ?ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا?[لقمان:18]، ?ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا?[الإسراء:36] ?ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين?[التوبة:119] ?واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين?[الشعراء:215] ?ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط?[الإسراء:29] ?والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما?[الفرقان:67] ?والذين هم عن اللغو معرضون?[المؤمنون:3]، ?وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما?[الفرقان:63] ?وأعرض عن الجاهلين?[الأعراف:199] ?ولا تنابزوا بالألقاب?[الحجرات:11] ?ولا يغتب بعضكم بعضا?[الحجرات:12] ?ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم?[الأنفال:46] ?ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض?[النساء:32] ?واسألوا الله من فضله?[النساء:32] ?فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى?[النجم:32] ?ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار?[هود:113] ?ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا?[طه:131] ?ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا?[الكهف:28] ?يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا?[البقرة:273] ?والذين في أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم?[المعارج:25،26] ?فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر، وأما بنعمة ربك فحدث?[الضحى:911] ?وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى?[النازعات:40،41].
وكفى بما وصف الله نبيه حيث قال: ?عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم?[التوبة:128] وأوصى بأنه يعتذر إلى كل من صدر إليه منه إساءة، أو جناية عليه في عرض، أو جسم، أو مال، صادرة عن عدوان، أو ذهول أو نسيان، على وجه لا يرضي الرحمن، وإلى من وقع منه في حقه تقصير، عن إيفائه ما يستحقه من قليل أو كثير، مما يوجبه رحامه أو جوار، أو مرتبة تعليم، أو فضل، أو بفصل، أو زوجية، أو صحبة، أو استئجار أو نحوا من ذلك، فإن هذه الأمور أسباب موجبة لحقوق الإخلال بها عقوق، ويلتمس منهم جميعا العفو عن الخطأ، والصفح عن الإخلال بالوفاء، وبرأ ذمته من ذلك تقربا إلى الله تعالى وصلة[45ب]لرسول الله، والله يحسن مكافأته بأن يتقبل حسناته، ويتجاوز عن سيئاته، فقد اعتذر اعتذار معترف باذل جهده في تلافي ما فرط منه من الحقوق، أو فرط منه من العقوق، وأوصى إلى كل من أقاربه وأوليائه، وإخوانه وأولاده، ومن عرفه بالنقل لا بالعيان، من أبناء زمانه ومستقبل الأزمان، أن يبره بما أمكن من القربات، وإشراكه في صالح الدعوات، فإن تفضل بأن وصله أو تصدق، وجعله عنه وحقق، فالله تعالى يجعلها وسيلة مقبولة، وبرضوان الله عمن وصله موصولة، ومن انتفع بشيء من موضوعاته، فليجعل تكرار الدعاء من مكافأته) وناهيك بكلام هذا الإمام الشهير موقظا من سنة الغفلة والجهالة، دالا على سبيل الهدى واليقين والورع والزهد والتقوى أحسن دلالة، وفيه ما يغنيك عن تتبع معرفة أحواله الشريفة، وإعراضه عن هذه الدنيا الدنيئة، والإقبال على الآخرة ، وهذه هي طريقة الأنبياء والأوصياء والأولياء؛ فرضوان الله عليه ورحمته عليهم أجمعين.
Page 223