الغيب أي أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضر إلى آخر كلامه إذ من عادة هذا المعترض الجاهل رد الحق والمكابرة في دفعه والغلو المتناهي وإلا فمن المعلوم عند من له معرفة بدين الإسلام أن المجيب إنما أتى في جوابه بتحقيق التوحيد ونفي الشرك بالله وذلك تعظيم لجانب الرسالة.
وكان النبي ﷺ ينهى أمته عن كل ما يؤل بهم إلى الغلو ولما قيل له ﷺ أنت سيدنا وخيرنا وابن خيرنا قال: "يا أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله تعالى".
والنبي ﷺ هو أحق الخلق بالتواضع لله وحده سبحانه وفي الحديث فإنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة وإني لا أثق إلا برحمتك الحديث.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة يخبر بذلك عن نفسه ويعترف بذلك لربه وهو الصادق المصدوق فإذا قال المسلم مثل هذا في حقه ﷺ وأخبر بما اخبر به عن نفسه لم يكن منتقصا له بل هذا من تصديقه والإيمان به.
قال شيخ الإسلام ﵀: إذا كان الكلام في سياق توحيد الرب ونفي خصائصه عما سواه لم يجز أن يقال هذا سوء عبارة في حق من دون الله من الأنبياء والملائكة فإن المقام أجل من ذلك وكل ما سوى الله يتلاشى عن تجريد توحيده والنبي ﷺ كان من أعظم الناس تقريرا لما يقال على هذا الوجه وإن كان نفسه المسلوب كما في الصحيحين في حديث الإفك لما نزلت براءة عائشة من السماء واخبرها النبي ﷺ.
1 / 54