بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله المستعان والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان.
وبعد: فإن من ظواهر المجتمعات الإنسانية والأعراف البشرية اختلاف الملل وتباين النحل ومنه اختلاف المذاهب والطوائف.
فبقدر المدارك الإنسانية يكون المد والجزر بين الاختلاف أو الاتفاق وهي ظواهر طبعيه جبل عليها البشر لعمارة الكون ومقوماته الذاتية كما في قوله تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾
لذا سطر التأريخ لأرباب الدين الواحد والمذهب الواحد شعب الاختلاف ومن ذلك تنوعت مسميات كل مذهب أو مسلك أو اتجاه، وهكذا الاختلاف ماض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وإذا عدم المعيار وجهة التحاكم كان الخلاف على أشده قد يصل إلى إهراق الدماء وإسقاط حرمة البشر.
ويعجبني ما كتبه علامة الباكستان ومفتيها الشيخ محمد شفيع في رسالة عنوانها "أخلاف أم شقاق" أعرب عن منهج التحقيق بأسلوب المحبة والوئام، وليس الشقاق في الدين الواحد والمذهب الواحد بالمطلب
1 / 5
الحميد مهما احتدم الصراع وتفاقم النزاع واتسعت هوة الخلاف في حدود دائرة الإسلام.
وعلى هذا درج أئمة الإصلاح وقادة الناس إلى الخير فكانوا مثلا يحتذى، وبرز على الصعيد من ناوئ مسلك السلف في تحقيق العبادة للرب المعبود.
فقام الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵏ برد الشبه التي تمس جانب التوحيد فشيد الله به منار الإسلام وبدد غياهب الظلام، وإن من واجب الدعوة إلى الله وما يجب في حق أولئك الأعلام التعريف بما قاموا به ونشر ما كتبوه
ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
فقمت بتصفح بعض رسائله وفتاويه فاخترت منها:
١- المقامات: وهو رد على عثمان بن منصور النجدي التميمي المتوفى سنة ١٢٨٢هـ، وقد زعم أن تسلط الدولة العثمانية وحملات إبراهيم باشا على الدرعية قاعدة الدولة السعودية الأولى والتي جرها محمد بن عبد الوهاب على أهل نجد دليل على ماهم عليه، وغواية ما توجهوا إليه فكان فيما كتبه الشيخ عبد الرحمن تاريخ ورد أجمل ما كتبه في تسع مقامات.
٢- المحجة في الرد على الملقب باللجة محمد بن عبد الله بن حميد المتوفى سنة ١٢٩٥هـ صاحب كتاب "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" تناول فيه تراجم جملة من العلماء، ففرط وأفرط وتخبط وخلط، ولولا أنه لم يمدح البوصيري في قصيدته الشركية على جناب التوحيد والإطراء بخير البشرية كما في قوله:
1 / 6
يا أكرم الخلق مالي من الوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم
١- إرشاد طالب الهدي لما يباعد عن الردى، وهو توجيه وتعليم في صيغة رد على أحمد بن علي بن أحمد بن دعيج المتوفى سنة ١٢٦٨هـ زعم أنه لا بأس من الإقامة في بلد يمارس فيها الشرك والمعاصي دون نكير مع القدرة على ذلك.
٢- المراسلات: كنت جمعت من مكاتباته ثمان وخمسين رسالة وجهها للأعيان والعلماء وأفراد من المسلمين بدأها بقوله: من عبد الرحمن بن حسن إلى.........
تتضمن نصائح وتوجيهات معالجة وقائع وأحداث زمنية والتارخ يعيد نفسه ولله الأمر من قبل ومن بعد.
٣- بيان كلمة التوحيد رد فيه على عبد المحمود الكشميري حين تكلم في معنى لا إله إلا الله أظهر من الجهل والضلال ما تعقبه الشيخ عبد الرحمن بمعلول الدلالة وساطع الرسالة ما أدحض به شبه الشبهين وضلالات المبطلين فرحمه الله: رحمة واسعة.
جمعتها لتكون في مجلد واحد تطبع ضمن سلسلة التراث الإصلاحي في العقيدة والشريعة ليكون هذا هو المجلد الرابع، وفيما أقوله: وأكتبه نرجو رضى الله والدار الآخرة، وأختم هذا التقديم ببيان ما صدر من السلسلة المذكورة وهي:-
١- مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام.
تأليف الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
٢- القول الفصل النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس.
تأليف الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
1 / 7
١- منهاج التأسيس والتقديس تأليف الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
٢- المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد، وهو هذا للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، نسأل الله أن يهب لنا من أمرنا رشدا وصلى الله على محمد.
كتبه
إسماعيل بن سعد بن إسماعيل العتيق
١/١١/١٤١١هـ
1 / 8
المقامات
مدخل
...
بسم الله الرحمن الرحيم
المقامات
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده محمد وآله وصحبه أما بعد: فليعلم أن هذا الذي علقته في هذه الورقات قد اقتصدت فيه واقتصرت على ما تحصل به الفائدة ويحصل به الثواب من الرب الكريم الوهاب لأنه من أفضل الجهاد في الدين والنصيحة لعامة المسلمين ولمن يصل إليه ممن له رغبة في معرفة حقيقة الدين الذي بعث الله به الأنبياء والمرسلين فأقول قبل الشروع في تحرير الجواب: أن عثمان ابن منصور اعترض على شيخنا رحمه الله تعالى: فيما دعا إليه من توحيد الله تعالى من الحنيفية ملة إبراهيم وما بعث به محمد النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليهما وعلى جميع المرسلين فقال إنه لم يتخرج على أشياخ في العلم وهذا مما افتراه واختلقه عمن استند إليه من شيوخه الثلاثة ابن سند وابن جديد وابن سلوم وهذا من جهلهم بحال شيخنا وشدة عداوتهم له فتلقى عن هولاء الثلاثة مازعموه من الكذب والبهتان فالجواب عن هذا من وجوه.
الأول: أنه لايعرف شيخنا ولا حيث نشأ كما يعرفه الخبير بحاله ممن يقول الحق ويقصده ويتحرى الصدق ويؤثره فلا ريب أنه لما قدم جده سليمان ابن علي من الروضة ونزل العيينة كان أفقه أهل نجد في وقته فتخرج عليه خلق كثير من أهل نجد منهم ابناه عبد الوهاب وإبراهيم وكان المتولي للقضاء في العارض أبوه عبد الوهاب وكان عمه يسافر إلى ما حولهم من البلاد لحاجتهم إليه في الإفتاء وما يقع بينهم من بيع العقارات وكان عليه اعتمادهم فيما كتبه وأثبته وأكثر إقامته مع أخيه عبد الوهاب فظهر شيخنا بين أبيه وعمه فحفظ القرآن وهو صغير وقرأ في فنون العلم وصار له فهم
1 / 9
وقوي وهمة عالية في طلب العلم فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الإمام أحمد والوجوه عن الأصحاب فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير والمغنى والانصاف لما فيها من مخالفة ما في متن المنتهى والاقناع وعلت همته إلى طلب التفسير والحديث فسافر إلى البصرة غير مرة كل مرة يقيم بين من كان فيها من العلماء فأظهر الله له من أصول الدين ماخفي على غيره وكذلك ما كان عليه أهل السنة في توحيد الأسماء والصفات والإيمان فيقال في الجواب انت يابن منصور إنما افتخرت في رحلتك إلى البصرة والزبير وغقامتك بين أشياخك الثلاثة فما لذي خصك بأخذ العلم منها دونه إذا كان الكل قد سافر إليه وجالس العلماء وتميز عنك بالأخذ عمن لا يتهم في حقه بالكذب والزور وأنت قبلت فيه قول أهل الريب والفجور وصنف في البصرة كتاب التوحيد الذي شهد له بفضله بتصنيفه له القريب والبعيد أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث وأما أنت يابن منصور فأي علم جئت به من رحلتك ضيعت زمانك وأخمدت شانك وصرت ضحكة عند من أخذ عن هذا الشيخ وقد عدوا عليك من الغلطات ما لا فائدة في عده هاهنا وأنت لم تنقل عنهم واحدة غلطوا فيها وذلك ببركة ما حصلوه ممن أخذ عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فكيف حالك لو رأيت من أخذ عنه لكنت في نفسك احقر ومن الدليل على ماذكرته هنا أنه طلب الاجازة من مملي هذا الكلام فأجازه بمروياته في الحديث وغيره ظنا مني أنه على هدى وأنه بأهل العلم قد اقتدا ثم أن شيخنا رحمه الله تعالى: بعد رحلته إلى البصرة وتحصيل ما حصل بنجد وهناك رحل إلى الاحساء وفيها فحول العلماء منهم عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف
1 / 10
ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم ماسر به واثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد وحضر مشايخ الإحساء ومن أعظمهم عبد الله بن عبد اللطيف القاضي وطلب منه أن يحضر الأول من فتح الباري على البخاري وبين له ما غلط فيه الحافظ في مسألة الإيمان وبين أن الأشاعرة خالفوا ما صدر البخاري كتابه من الأحاديث والآثار وبحث معهم في مسائل وناظر هذا أمر مشهور يعرفه أهل الإحساء وغيرهم من أهل نجد فإذا خفي عليك يابن منصور هذا أو جحدته فغير مستغرب والعدو يجحد فضائل عدوه.
كل العداوة قد ترجى مودتها ... إلا عداوة من عاداك في الدين
ثم إن الشيخ ﵀: رجع من إلاحساء إلى البصرة وخرج منها إلى نجد قاصدا الحج فحج رحمه الله تعالى: وقد تبين له بما فتح الله تعالى عليه ضلال من ضل باتخاذ الأنداد وعبادتها من دون الله في كل قطر وقرية إلا من شاء الله فلما قضى الحج وقف في الملتزم وسال الله تعالى أن يظهر هذا الدين بدعوته وأن يرزقه القبول من الناس فخرج قاصدا المدينة مع الحاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن مسيره مع الحاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها فأقام بها وحضر عند العلماء إذ ذاك منهم محمد حياة السندي وأخذ عنه كتب الحديث إجازة في جميعها وقرآة لبعضها ووجد فيها بعض الحنابلة فكتب كتاب الهدي لابن القيم بيده وكتب متن البخاري وحضر في النحو وحفظ الفية بن مالك ثم رجع إلى نجد وهم على الحال التي لا يحبها الله ولا يرضاها من الشرك بعبادة الأموات والأشجار والأحجار والجن فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد وأن يخلصوا العبادة بجميع أنواعها لله وأن
1 / 11
يتركوا ما كانوا يعبدونه من قبر أوطاغوت أوشجر أوحجر والناس يتبعه منهم الواحد والاثنان فصاح به الأكثرون وحذروا منه الملوك واغروهم بعداوته حتى إن ابن حميد ملك الاحساء والقطيف والبادية أرسل إلى ابن معمر أمير العيينة أن يقتله أوينفيه فنفاه إلى الدرعية وتلقاه محمد بن سعود رحمه الله تعالى: وأولاده واخوته فصبروا على حرب القريب والبعيد حتى أظهر الله هذا الدين فنجا بدعوته من نجاه الله من الشرك والضلال وهلك بدعوته من هلك ممن بغى وطغى واستكبر وحسد وكل ما دعى إلى مادعت إليه الرسل لا بد أن يقع له من الناس ما وقع لهم والمقصود ذكر نعمة الله تعالى على شيخنا وبيان كذب المفتري وأنه نشأ في طلب العلم وتخرج على أهله في سن الصبا ثم رحل لطلب العلم للبصرة مرارا وللإحساء ثم إلى المدينة والمعول على ما وهبه الله تعالى من الفهم والحفظ وتمييز الحق من الباطل ومعرفة حقيقة التوحيد وما ينافيه من الشرك الأكبر وسبيل أهل السنة ومعرفة ما خالف السنة من البدع أعطاه الله في ذلك علما عظيما فصار بذلك يشبه أكابر علماء السنة وما كان عليه السلف الصالح فصار آية في العلوم ونفع الله بدعوته الخلق الكثير والجم الغفير وبقيت علومه في الناس يعرفها العام والخاص من أهل نجد وغيره وما أنكر هذه الدعوة الإسلامية بعد ظهورها في نجد وما والاه إلا جاهل معاند لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فدحضت بحمد الله حجة كل مجادل ومماحل فأتم الله نعمته على من قبل هذه الدعوة الإسلامية وقد قال بعض العلماء ﵏ الإخلاص سبيل الخلاص والإسلام مركب السلامة والإيمان خاتم الأمان فالحمد لله على هذه النعمة العظيمة التي لا نعمة أكبر منها ولا أعظم منها ولا أنفع إذا عرف مما تقدم ما افتراه ابن منصور على شيخنا وأنه صدر عن غير علم
1 / 12
ولا معرفة بحاله في نشأته وطلبه فينبغي أن نزيد ما تقدم من الإنتصار لامام الدعوة الإسلامية النبوية رحمة الله عليه فنقول ما أدراه عن حال شيخنا رحمه الله تعالى: وقد تقدم ما يدل على أنه لا دراية له ولا عناية بحاله يعرف ذلك مما قدمناه ومن المعلوم أنه لا يعتني بمعرفة حال مثله إلا من حبه واحب ماقام به ودعا إليه وأما من انحرف عنه وعن دعوته في مبدأ نشأته وتوجه برحلته إلى من أشتدت عداوته له دينه كابن سند وابن سلوم وابن جديد فهؤلاء الثلاثة المذكورون قد اشربوا عداوة التوحيد ومن دعا إليه فصار أهل التوحيد هم أعداؤهم بما اشربوه من كراهته وكرهة من دان به فأخذ عنهم ما وضعه في كتبه من الزور والكذب والفجور وانتصر فيها لعباد القبور وزعم أنهم مسلمون لأنهم يقولون لا إله إلا الله ويصلون والعدو لا يرى محاسن عدوه خصوصا إذا عاداه في الدين وصاروا أعداء لكل موحد ونصرة لكل مشرك ملحد فاخذ عنهم هذه البضاعة وامتنع على إمام المسلمين بما أودعه كتبه من الشناعة ولا ريب أن شره إنما يعود إليه ويرجع وبال ذلك كله عليه والمقصود أن يعلم أن هؤلاء الثلاثة هم أشياخه الذين تخرج عليهم بالانحراف عن الدين وتضليل الموحدين ولولا أنه شحن كتبه بذلك لما ذكرناه فهذا هو المحصول الذي حصله والأساس الذي أسسه وأصله فقدم نجدا بعد طول المقام عند أولئك الملحدين المنحرفين عن الدين فصار حظه جمع الكتب من غير رواية لها ولا دراية ولم ير للعلم عليه أثر مع أن هؤلاء مع ما فيهم من العداوة صاروا أعقل منه فلم يكتبوا شيئا من هذه الأكاذيب والزندقة والتخليطات الفاسدة وهذا لقلة علقه وفساد قصده جرى منه ما جرى وبالجملة فقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: فالحاسد يحمله بغض المحسود على مماداته والسعي في أذاه بكل ممكن مع علمه
1 / 13
بفضله وعلمه وأنه لا شيئ فيه يوجب عداوته إلا محاسنه وفضائله وهذا قيل للحاسد عدو النعم والمكارم فالحاسد لم يحمله على معاداة المحسود جهله بفضله أو كماله وإنما حمله على ذلك فساد قصده وإرادته كما هي حال أعداء الرسل مع الرسل انتهى وقال العماد بن كثير في تفسيره قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله ﷿ يجازي من قصد الخير بالتوفيق له ومن قصد الشر بالخذلان وكل ذلك بقدر مقدر ونسأ ل الله الكريم رب العرش العظيم بكلماته وبيناته التي انزلها على نبيه محمد ﷺ لهداية عباده أن يجعل ماكتبناه في هذا وغيره نصرة لهذا الدين أكرم به عباده المؤمنين وأن لا يجعله انتصارا لأنفسنا ولا لسلفنا إنه ولي ذلك والقادر عليه ونسأله العفو والعافية في الدين والآخرة٠ وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيد المرسلين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وقد أخبرنا شيخنا رحمه الله تعالى: أنه كان في ابتداء طلبه للعلم وتحصيله في فن الفقه وغيره لم يتبين له الضلال الذي كان الناس عليه من عبادة غير الله من جن أو غائب أوطاغوت أوشجر أوحجر أو غير ذلك ثم ان الله جعل له نهمة في مطالعة كتب التفسير والحديث وتبين له من معاني الآيات المحكمات والأحاديث الصحيحة ان هذا الذي وقع فيه الناس من هذا الشرك أنه الشرك الذي بعث الله رسله أونزل كتبه بالنهي عنه وانه الشرك الذي لايغفره الله لمن لم يتب منه فبحث في هذا الأمر مع أهله وغيرهم من طلبة العلم فاستنار قلبه بتوحيد الله الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه فأعلن بالدعوة وبذل نفسه لذلك على كثيرة المخالفين وصبر على ماناله من الأذى العظيم في ابتداء دعوته فلما اشتهر أمره اجلبوا عليه بالعداوة
1 / 14
خصوصا العلماء والرؤساء وحرصوا على قتله فاتاح الله له من ينصره على قلة منهم وحاجة وتصدى لحربهم القريب البعيد واستجلبوا على حربهم الدول ونذكر بعض ماجرى عليهم ممن عاداهم وتأييد الله لهم ونصره على قلة مهم وضعف وقوة من عدوهم وكثيرة لما فيه العبرة والشهادة لهم أنهم على الحق وعدوهم على الباطل فأخذت من حفظ بعض الوقائع التي جرت عليهم من عدوهم في الدين وفيها شبه بما جرى لنبينا ﷺ من عدوه ونصر الله له فأقول.
المقام الأول: أن شيخنا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: لما ألهمه الله رشده وفتح بصيرته في تمييز الحق من الضلال وأنكر ما عليه الناس من الشرك فبادروه بالعداوة والإنكار لمخالفتهم ما قد اعتادوه ونشؤا عليه هم وأسلافهم من الشرك والبدع وأعظم من عاداه ونفر الناس عن دعوته العلماء والرؤساء كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ وفيه مشابهة لنبينا ﷺ فيما ناله من الرؤساء والأحبار في الابتداء فإن شيخنا رحمه الله تعالى: أظهر هذه الدعوة في بلد العيينة وهي في أعلا وادي حنيفة فاستحسن دعوته من استحسنها وقبلها من قبلها وأنكرها من أنكرها ثم إن أهل الإحساء لما استصرخوا شيخهم سليمان المحمد شيخ بني خالد أرسل إلى ابن معمر شيخ العيينة بأن يقتله فهاجر إلى الدرعية بلد محمد بن سعود فتلقاه هو وأولاده بالقبول وتابعهم على ذلك أكثر أهل بلده وقبيلته على قلة منهم وضعف كما قدمناه فصبروا على مخالفة الناس والملوك ممن حولهم والبعيد عنهم وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب ولهذا تحمل هذا
المقام الأول: أن شيخنا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: لما ألهمه الله رشده وفتح بصيرته في تمييز الحق من الضلال وأنكر ما عليه الناس من الشرك فبادروه بالعداوة والإنكار لمخالفتهم ما قد اعتادوه ونشؤا عليه هم وأسلافهم من الشرك والبدع وأعظم من عاداه ونفر الناس عن دعوته العلماء والرؤساء كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ وفيه مشابهة لنبينا ﷺ فيما ناله من الرؤساء والأحبار في الابتداء فإن شيخنا رحمه الله تعالى: أظهر هذه الدعوة في بلد العيينة وهي في أعلا وادي حنيفة فاستحسن دعوته من استحسنها وقبلها من قبلها وأنكرها من أنكرها ثم إن أهل الإحساء لما استصرخوا شيخهم سليمان المحمد شيخ بني خالد أرسل إلى ابن معمر شيخ العيينة بأن يقتله فهاجر إلى الدرعية بلد محمد بن سعود فتلقاه هو وأولاده بالقبول وتابعهم على ذلك أكثر أهل بلده وقبيلته على قلة منهم وضعف كما قدمناه فصبروا على مخالفة الناس والملوك ممن حولهم والبعيد عنهم وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب ولهذا تحمل هذا
1 / 15
الرجل وأتباعه عداوة كل من عادى هذا الدين قال تعالى: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ وقد قال هرقل لأبي سفيان وسألتك هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه فذكرت أن لا فكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب فأشبه أمر هذا الشيخ رحمه الله تعالى: ما جرى لخاتم النبيين حتى في مهاجره وأنصاره وكثيرة من عاداه وناواه في الابتداء كما هوحال الحق في المبادي يرده الكثير وينكرونه ويقبله القليل وينصرونه فأول من عاداهم أقرب الناس إليهم بلدا وأقواه كثيرة ومالا بلاد دهام بن دواس وهو أول من شن الغارة عليهم على غفلة وغرة وعدم الاحتساب منهم فخرجوا إليه على عجل فقتل منهم رجالا منهم فيصل ابن محمد بن سعود وسعود بن محمد بن سعود فسبحان من قوى جأش هذ الرجل على نصرة هذا الدين حين قتل إبناه ثم سطى عليهم مرة ثانية فقتل كثير ممن سطى بهم فأخذ المسلمون الثار منهم ثم بعد ذلك استمر الحرب بينهم وبينه أكثر من ثلاثين سنة وفي تلك الثلاثين سنة أو أكثر أعانه على حربهم أهل نجران وبن حميد شيخ بن خالد مرارا فيأتونهم بأنواع الكيد والكثرة فينصرهم الله عليهم وفي ذلك أعظم عبرة وبعد هذه المدة وقع بينه وبين المسلمين وقعة بين البلدين فقتل فيها أبناءه دواس وسعدون فانتهى أمره فخرج من بلده هاربا في يوم صيف شديد الحر وتبعه من تبعه فصارت بلده فيئا للمسلمين ولم يبق لآل دواس بعد ذلك عين تطرف فاعتبروا يا أولي الأبصار.
المقام الثاني: مافي دعوة هذا الشيخ ابتداء من المشابهة لما جرى للنبي ﷺ في أول دعوته قريشا والعرب إلى التوحيد والإيمان بالقرآن وقد قال ﷺ بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وفي حديث عمرو بن عبسة الذي رواه
المقام الثاني: مافي دعوة هذا الشيخ ابتداء من المشابهة لما جرى للنبي ﷺ في أول دعوته قريشا والعرب إلى التوحيد والإيمان بالقرآن وقد قال ﷺ بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وفي حديث عمرو بن عبسة الذي رواه
1 / 16
مسلم وغيره أنه قدم مكة فاجتمع بالنبي ﷺ في أول بعثته فأخبره أن الله بعثه بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئ وغير ذلك مما هو مذكور في الحديث من نفي عبادة الأوثان والأمر بمكارم الأخلاق فقال له عمرو من معك على هذا قال حر وعبد ومعه يومئذ أبو بكر وبلال فما زال الحق يزيد بزيادة من قبله ودخل فيه حتى أكمل الله لهذه الأمة الدين وأتم عليهم النعمة وقد قال هرقل لأبي سفيان لما سأله عن اتباع الرسول وبهذه المشابهة يتحقق المنصف أن هذا الدين الذي دعا إليه هو الحق وأنه هو الذي دعا إليه رسول الله ﷺ كما دلت عليه الآيات المحكمات التي لا يخفى معناها إلا على من عميت بصيرته وفسدت سريرته فتأمل حماية الله ونصره لمن قبل هذه الدعوة ونصرها على ضعف منهم في الحال وقله من العدد والرجال مع كثرة من خالفهم من قريب وبعيد وكثير وقليل مع الكيد الشديد فأبطل الله كيدهم وصارت الغلبة للحق وأهله ومحق الله الباطل وأهله.
المقام الثالث: وفيه حجة أيضا ومعتبر ودليل على صحة هذا الدين ومدكر لمن عقل وافتكر وذلك أن الذين أنكروا هذه الدعوة من الدول الكبار والشيوخ وأتباعهم من أهل القرى والأمصار أجلبوا على عداوة هذا العدد القليل في حال تخلف الأسباب عنهم وفقرهم فرموهم عن قوس العداوة من أهل نجد دهامبن دواس المتقدم وابن زامل وآل بجاد أهل الخرج ومحمد بن راشد راعي الحوطة وتركي الهزاني وزيد ومن والاهم من الأعراب والبوادي كذلك العنقري في الوشم ومن تبعه وشيوخ قرى سدير والقصيم وبوادي نجد وابن حميد ملك الإحساء ومن تبعه من حاضر وباد وكلهم تجمعوا لحرب
المقام الثالث: وفيه حجة أيضا ومعتبر ودليل على صحة هذا الدين ومدكر لمن عقل وافتكر وذلك أن الذين أنكروا هذه الدعوة من الدول الكبار والشيوخ وأتباعهم من أهل القرى والأمصار أجلبوا على عداوة هذا العدد القليل في حال تخلف الأسباب عنهم وفقرهم فرموهم عن قوس العداوة من أهل نجد دهامبن دواس المتقدم وابن زامل وآل بجاد أهل الخرج ومحمد بن راشد راعي الحوطة وتركي الهزاني وزيد ومن والاهم من الأعراب والبوادي كذلك العنقري في الوشم ومن تبعه وشيوخ قرى سدير والقصيم وبوادي نجد وابن حميد ملك الإحساء ومن تبعه من حاضر وباد وكلهم تجمعوا لحرب
1 / 17
المسلمين مرارا عديدة مع عريعر وأولاده منها نزولهم على الدرعية وهي شعاب لا يمكن تحصينها بالأبواب والبناء وقد أشار إلى ذلك العلامة حسين بن غنام ﵀: حيث يقول.
وجاؤا بأسباب من الكيد مزعج مدافعهم يزجي الوحوش رنينها فنزلوا البلاد وأجتمع من أجتمع من اهل نجد حتى من يدعي أنه من العلماء ولما قيل لرجل منهم وهو من أمثل علمائهم وعقلائهم كيف أشكل عليكم أمر عريعر وفساده وظلمه وأنتم تعينونه وتقاتلون معه فقال لوأن الذي حاربكم إبليس كنا معه والمقصود أن الله تعالى رد لهم بغيضهم لم ينالوا خيرا وحمى الله تلك القرية فلم يشربوا من آبارها وأما وزير العراق فمشى مرارا عديدة بما يقدر عليه من الجنود والكيد الشديد وأجرى الله تعالى عليهم من الذل مالا يخطر ببال قبل أن يقع بهم ما وقع من ذلك أن ثويني في مرة من المرار مشى بجنوده إلى الإحساء بعدما دخل أهلها في الإسلام في حال حداثتهم بالشرك والاضلال فلما قرب من تلك البلاد أتاه رجل مسكين لا يعرف من غير ممالات أحد من المسلمين فقتله فمات فنصر الله هذا الدين برجل لا يعرف وذلك مما به يعتبر فانفلت تلك الجنود وتركوا مامعهم من المواشي والأموال خوفا من المسلمين ورعبا فغنمها من حضر وقد قال الشيخ حسين ابن غنام في ذلك.
تقاسمتم الاحساء قبل منالهاه ... فللروم شطر والبوادي لها شطر
ثم جددوا أسبابا لحرب المسلمين وساروا بدول عظيمة يتبع بعضها بعضها وكيد عظيم فنزلوا الاحساء وقائدهم علي كيخيا فتحصن من ثبت على دينه في الكوت وثغر صاهود فنزل بهم وصار يضربهم بالمدافع والقنابل وصفر اللغوب فأعجزه الله ومن معه ممن إرتد عن الإسلام فولى مدبرا
1 / 18
بجنوده فاجتمع سعود بن عبد العزيز في تاج وغزوه الذين معه ﵀: والذين معه من المسلمين أقل من المتفق أو الظفير الذين مع الكيخيا فالقى الله الرعب في قلوبهم على كثرتهم وقوتهم فصارت عبرة عظيمة فطلبوا الصلح على أن يدعهم سعود يرجعوا إلى بلادهم فأعطاهم أمانا على الرجوع فذهبوا في ذل عظيم فلما قدم كل منهم مكانه مات سليمان باشا وذلك من نصر الله لهذا الدين فأهلك الله من أنشأ هذه الدول ثم قام علي كيخيا فصار هو الباشا فأخذ يجدد آلة الحرب فجمع من الكيد والأسباب أعظم مما كان معه في تلك الكرة فلما كملت اسبابه وجمع الجموع فلم يتق إلا خروجه الحرب المسلمين لينتقم من أهل هذا الدين سلط الله عليه صبيين مملوكين عنده يبيتون فقتلوه آخر الليل فخمدت تلك النيران وتفرقت تلك الأعوان فما قام لهم قائمة حتى الآن فيا لها عبرا ما أظهرها لمن له أدنى بصيرة فاعتبروا يا أولي الأبصار فأين ذهب عقل من أنكر هذا الدين وجادل وكابر في دفع الأدلة على التوحيد وماحل.
المقام الرابع: ماجرى من العبر في حرب أشرف مكة لهذه الدعوة الإسلامية والطريقة المحمدية رجوعه إلى أشراف مكة وذلك أنهم من أول من بدأ المسلمين بالعداوة فحبسوا حاجهم فمات في الحبس منهم عدد كثير ومنعوا المسلمين من الحج أكثر من ستين سنة وفي أثناء هذه المدة سار إليهم غالب الشريف بعسكر كثيف وكيد عنيف فقدم أخاه عبد العزيز قبله في الخروج فنزل على قصر بسام فأقام مدة يضرب بالمدافع والقنابل وجر عليه الزحافات فأبطل الله كيده على هذا القصر الضعيف بناؤه القليل رجاله فشد منه ووافى غالبا ومعه أكثر الجنود ومعه من الكيد مثل ما كان مع أخيه أو
المقام الرابع: ماجرى من العبر في حرب أشرف مكة لهذه الدعوة الإسلامية والطريقة المحمدية رجوعه إلى أشراف مكة وذلك أنهم من أول من بدأ المسلمين بالعداوة فحبسوا حاجهم فمات في الحبس منهم عدد كثير ومنعوا المسلمين من الحج أكثر من ستين سنة وفي أثناء هذه المدة سار إليهم غالب الشريف بعسكر كثيف وكيد عنيف فقدم أخاه عبد العزيز قبله في الخروج فنزل على قصر بسام فأقام مدة يضرب بالمدافع والقنابل وجر عليه الزحافات فأبطل الله كيده على هذا القصر الضعيف بناؤه القليل رجاله فشد منه ووافى غالبا ومعه أكثر الجنود ومعه من الكيد مثل ما كان مع أخيه أو
1 / 19
يزيد فنزلوا جميعا الشعرا فجد في حربهم بكل كيد فأعجزه الله تعالى عن ذلك البناء الضعيف الذي لم يتأهب أهله الحرب بالبنا ولا بالسلاح فأبطل الله كيده ورده عنهم بعد الأياس والافلاس فسلط الله المسلمين على من كان معه من الأعراب خصوصا مطير فأوقع الله بهم في العداوة ومعهم مطلق الجربا فهزمهم الله تعالى وغنم المسلمون جميع ماكان معهم من الابل والخيل وسائر المواشي فصار
ماذكرناه من نصر الله وتأييده لأهل هذا الدين عبرة عظيمة وفي جملة قتلاهم حصان ابليس وبعد ما ذكرناه جد غالب في الحرب واجتهد لكن صار حربه للأعراب ولم يتق النير فيغدوا على من إستضعفه ويغير فأعطى الله أعراب المسلمين الظفر عليه في عدة وقعات من أعظمها وقعة الخرمه على يد ربيع وغزوه من أهل الوادي وبعض قحطان فهزمه الله تعالى واشتد القتل في عسكره فأخذوا جميع ماكان معه من المواشي وغيرها فصار بعد ذلك في ذل وهوان ففتح الله الطائف للمسلمين وصار أميره عثمان بن عبد الرحمن فاجتمع فيه دوله للمسلمين وساروا لحرب الشريف ومعهم عبد الوهاب أبو نقطة أمير عسير وسالم ابن شكبان أمير أهل بيشة فنزلوا دون الحرم فخرج إليهم عسكر من مكة فقتلوه فطلب الشريف المذكور منهم الأمان فلم يقبلوا منه إلا الدخول في الإسلام والبيعة للامام سعود فأعطاهم البيعة على يد رجال بعثوهم إليه هذا بعد وقعات تركنا ذكرها كراهة الإطالة لأن القصد بهذا الوضع الاعتبار بما جرى لأهل هذه الدعوة من النصر التأييد والظهور على قلة أسبابهم وكثرة عدوهم وقوته وذلك من آيات الله وبيناته على أن ماقام به الشيخ في حال فساد الزمان أنه الدين الذي بعث الله به المرسلين وتبين أن هذه الطائفة في هذه الأزمنة هي الطائفة المذكورة في قوله: ﷺ ولاتزال طائفة من أمتي على الحق منصورة
1 / 20
لايضر هم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك وقد كانت هذه الطائفة قبل ظهور الشيخ فيما تقدم موجودة في الشام والعراق ومصر وغيرها بوجود أهل السنة وأهل الحديث في القرون المفضلة وبعدها فلما اشتدت غربة الإسلام وقل أهل السنة واشتد النكير عليهم وسعى أهل البدع في إيصال المكر إليهم من الله بهذه الدعوة فقامت بها الحجة واستبانت الحجة فيا سعادة من قبلها وأحبها ونصرها وذلك في فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وأهل العلم من اتباع السلف والأئمة لهم المصنفات المفيدة في بيان التوحيد توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات والكثير منها موجود بأيدي علماء المسلمين وما علمنا أحدا بعد القرن الثامن في حال اشتداد غربة الإسلام يذكر بمعرفة ما عليه أهل السنة في أنواع التوحيد أو يلتفت إلى كتبهم ولا عرفوا الشرك الذي لا يغفره الله فلذلك لم ينكره فيهم منكر ولا أخبر بوقوعه من علمائهم مخبر حتى أظهر الله هذا النور وشفى الله به الصدور وظهرت كتب أهل السنة وعظمت بمعرفتها والدعوة إليها المنة يعرف ذلك من عرفه وشكره وأحبه وقبله فلا عبرة بمن أخلد إلى أرض الغفلة والإعراض وجهله.
المقام الخامس: إن كان من ذكرنا ممن عاداهم من أهل نجد والاحساء وغيرهم من البوادي أهلكهم الله ولحقتهم العقوبة حتى في الذراري والأموال فصارت أموالهم فيئا لأهل الإسلام كما يروى عن زيد بن عمرو بن نفيل. عجبت وفي الليالي معجبات ... وفي الأيام يعرفها البصير بأن الله قد أفنى رجالا ... كثيرا كان شأنهم الفجور وأبقى آخرين بدار قوم ... فيربوا منهم الطفل الصغير
المقام الخامس: إن كان من ذكرنا ممن عاداهم من أهل نجد والاحساء وغيرهم من البوادي أهلكهم الله ولحقتهم العقوبة حتى في الذراري والأموال فصارت أموالهم فيئا لأهل الإسلام كما يروى عن زيد بن عمرو بن نفيل. عجبت وفي الليالي معجبات ... وفي الأيام يعرفها البصير بأن الله قد أفنى رجالا ... كثيرا كان شأنهم الفجور وأبقى آخرين بدار قوم ... فيربوا منهم الطفل الصغير
1 / 21
وانتشر ملكهم وصار كل من بقي في أماكنهم سامعا مطيعا لإمام المسلمين القائم بهذا الدين فانتشر ملك أهل الإسلام حتى وصل إلى حدود الشام مع حجاز وتهامة وعمان وصاروا بحمد الله في أمن وأمان يخافهم كل مبطل وشيطان ففي هذا معتبر لأهل الاعتبار بمن حاربهم من الخراب والدمار واستيلاء المسلمين على ماكان لهم من العقار والديار فلا يرتاب في هذا الدين بعد هذا البيان إلا من عميت بصيرته وفسدت علانيته وسريرته.
المقام السادس: أن كل من أظهر النفاق وأظهر الشقاق صار مكروها مبغضا ممقوتا وكل ما أبداه المشبهون المموهون من زخرفهم وكذبهم وباطلهم وعنادهم وفسادهم في أقوالهم وأحوالهم انعكس عليهم المراد وحرموا التوفيق والسداد صاروا مثله حتى استوحش منهم أكثر العباد ومقتهم كل حاضر وباد فما صار لهم باطل يظهر ولا شبهة تذكر اللهم إلا ماكانوا يستخفون به عن الناس حين ظهرت أنوار التوحيد واستعلت وزال بها الالتباس مخافت المقت والشناعت حين فسدت لهم تلك البضاعة وهذه العبر يعتبر بها الا ريب إذ هو من الحق وقبول العلم قريب.
المقام السابع: أن كثيرا ممن عاداهم ابتداءا تبين له صحة مادعا إليه هذا الشيخ وأنه الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وأنه علم من إتبعه ما أوجب الله عليهم وحرمه وعلمهم مكارم الأخلاق ونهاهم عن سفاسفها فمن ذلك ما حدثنا به عثمان بن عبد الرحمن المضايفي لما أتانا راغبا في هذا الدين أن جاسر الحسيني الذي جلا من حرمه لعداوته هذا الدين سكن بغداد ثم
المقام السادس: أن كل من أظهر النفاق وأظهر الشقاق صار مكروها مبغضا ممقوتا وكل ما أبداه المشبهون المموهون من زخرفهم وكذبهم وباطلهم وعنادهم وفسادهم في أقوالهم وأحوالهم انعكس عليهم المراد وحرموا التوفيق والسداد صاروا مثله حتى استوحش منهم أكثر العباد ومقتهم كل حاضر وباد فما صار لهم باطل يظهر ولا شبهة تذكر اللهم إلا ماكانوا يستخفون به عن الناس حين ظهرت أنوار التوحيد واستعلت وزال بها الالتباس مخافت المقت والشناعت حين فسدت لهم تلك البضاعة وهذه العبر يعتبر بها الا ريب إذ هو من الحق وقبول العلم قريب.
المقام السابع: أن كثيرا ممن عاداهم ابتداءا تبين له صحة مادعا إليه هذا الشيخ وأنه الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وأنه علم من إتبعه ما أوجب الله عليهم وحرمه وعلمهم مكارم الأخلاق ونهاهم عن سفاسفها فمن ذلك ما حدثنا به عثمان بن عبد الرحمن المضايفي لما أتانا راغبا في هذا الدين أن جاسر الحسيني الذي جلا من حرمه لعداوته هذا الدين سكن بغداد ثم
1 / 22
صار في سنين ظهور الإسلام في نجد وما والاه حضر عند الشريف غالب مجاورا فسمع الشريف المذكور يسب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فقال له ياشريف لك من المعروف ما يوجب أن أنصح لك لا تقل هذا في الشيخ محمد بن عبد الوهاب فإنه قام بنجد وهم في أسوأ حال من الفساد والظلم فجمعهم الله تعالى بعد التفرق والاختلاف وعلمهم مكارم الأخلاق حتى ما ينبقي أن يقولوه في مخاطبتهم وما لا ينبقي أن يقولوه من الألفاظ المستكرهة فاحذر أن تذكره بسوء وهذا الذي ذكره جاسر للشريف اعترف يه كثير حتى من أهل مصر والشام والعراق اعترفوا بصحة هذه الدعوة الإسلامية والسنة المحمدية وأكثروا الدعاء له وهذا من العبر والدلالة على صحة ما جدده شيخ الإسلام من الدين بعدما اشتدت غربته في كل زمان ومكان وصار من يطلب العلم ويعلمه لا يعرف حقيقة التوحيد ولا ما ينافيه من الشرك والتنديد مع قراءتهم للقرآن والأحاديث لكن جهلوا ما هو المراد من الحق الذي يأمرهم به رب العالمين فظهر الحق بعد الخفا وتبين ما دلت عليهم الآيات المحكمات والبراهين البينات وتبين الحق بعد أن كان مجهولا وعرف الباطل فصار بهذه الدعوة مخذولا فهذا مقام لا يخفى إلا على من جحد الحق وكابر وعاند ممن عميت بصيرته نعوذ بالله من رين الذنوب وموت القلوب.
المقام الثامن: أن الله تعالى ألبس هذه الطائفة أفخر لباس واشتهر في الخاصة والعامة من الناس فلا يسميهم أحد إلا بالمسلمين وهو الاسم الذي سم الله به عباده المؤمنين من أصحاب سيد المرسلين فقال هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا. فهذا الإسم الحقه الله أصحاب رسوله والحقه هذه الطائفة
المقام الثامن: أن الله تعالى ألبس هذه الطائفة أفخر لباس واشتهر في الخاصة والعامة من الناس فلا يسميهم أحد إلا بالمسلمين وهو الاسم الذي سم الله به عباده المؤمنين من أصحاب سيد المرسلين فقال هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا. فهذا الإسم الحقه الله أصحاب رسوله والحقه هذه الطائفة
1 / 23
كما ألحقه هذه إخوانهم من السابقين الأولين فيا لها عبرة ما أقطعها لحجة من شك وارتاب وما أنفعها في الاعتبار لمن أراد الحق وطلبه وإليه أناب فهذا تمام الثمانية فاقرأها وتدبرها سرا وعلانية وقد اقتصرت فيها غاية الاقتصار وأشرت إلى بعض الوقائع بايجاز واختصار نسأل الله أن يجعلها نافعة ولمن أبداها وكتبها وانتفع بها شافعة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين وإمام المتقين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا سنة ١٢٨٣هـ.
وهذا هو المقام التاسع: وأما الدول التركية المصرية فابتلى الله بهم المسلمين لما ردوا حجاج الشام عن الحج بسبب أمور كانوا يفعلونها في المشاعر فطلبوا منهم أن يتركوها وأن يقيموا الصلاة جماعة فما حصل منهم ذلك فردهم سعود ﵀: تعالى، فغضبت الدولة التركية وجرى عندهم أمور يطول عدها ولا فائدة في ذكرها فأمروا محمد على صاحب مصر أن يسير إليهم بعسكره وبكل ما يقدر عليه من القوة والكيد فبلغ سعودا ذلك فأمر ابنه عبد الله أن يسير لقتالهم وأمره أن ينزل دون المدينة فاجتمعت عساكر الحجاز على عثمان بن عبد الرحمن المضايفي وأهل بيشة وقحطان وجميع العربان فنزلوا الجديدة فاختار عبد الله ابن مسعود القدوم عليهم والاجتماع بهم وذلك أن العسكر المصري في ينبع فاجتمع المسلمون في بلد حرب وحفروا في مضيق الوادي خندقا وعبوا الجموع فصار في الخندق من المسلمين أهل نجد وصار عثمان ومن معه من أهل الحجاز في الجبل فوق الخندق فحين نزل العسكر أرزت العساكر خيولهم وعلموا أنه لا طريق لها إلى المسلمين فاخذوا يضربون بالقبوس فدفع الله شر تلك القبوس الهائلة عن المسلمين إن
وهذا هو المقام التاسع: وأما الدول التركية المصرية فابتلى الله بهم المسلمين لما ردوا حجاج الشام عن الحج بسبب أمور كانوا يفعلونها في المشاعر فطلبوا منهم أن يتركوها وأن يقيموا الصلاة جماعة فما حصل منهم ذلك فردهم سعود ﵀: تعالى، فغضبت الدولة التركية وجرى عندهم أمور يطول عدها ولا فائدة في ذكرها فأمروا محمد على صاحب مصر أن يسير إليهم بعسكره وبكل ما يقدر عليه من القوة والكيد فبلغ سعودا ذلك فأمر ابنه عبد الله أن يسير لقتالهم وأمره أن ينزل دون المدينة فاجتمعت عساكر الحجاز على عثمان بن عبد الرحمن المضايفي وأهل بيشة وقحطان وجميع العربان فنزلوا الجديدة فاختار عبد الله ابن مسعود القدوم عليهم والاجتماع بهم وذلك أن العسكر المصري في ينبع فاجتمع المسلمون في بلد حرب وحفروا في مضيق الوادي خندقا وعبوا الجموع فصار في الخندق من المسلمين أهل نجد وصار عثمان ومن معه من أهل الحجاز في الجبل فوق الخندق فحين نزل العسكر أرزت العساكر خيولهم وعلموا أنه لا طريق لها إلى المسلمين فاخذوا يضربون بالقبوس فدفع الله شر تلك القبوس الهائلة عن المسلمين إن
1 / 24