132

Matalib Saul

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول‏

فلو لا أن الله (تعالى) منح عليا ((عليه السلام)) قلبا متصفا بالقوة التامة التي هي الشجاعة، لكان مع امتثال أمر النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وأمنه من تطرق الأذى إليه لقول النبى ((صلى الله عليه وآله وسلم)) له: يضطرب بالنفس البشرية، فإن مبيت واحد بين زمر من الأعداء قاصدين الفتك به معاندين لدينه مظهرين عداوته، ثم إقامته بينهم بعد خروج النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ثلاث ليال بأيامهن، ثم خروجه من بلدتهم في شعابها وطرقاتها بين جبالها المختلفة، مقدما على مسيره في أراضي الأعداء وحده مع كثرتهم، من أوضح الأدلة وأرجح الحجج على شجاعة قد خصه الله بها وشهامة منحه إياها.

وكان رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) إذا ألم ملم أو أهم عارض أو عرض مهم، ندب له عليا ((عليه السلام)) لما يعلمه من شجاعته وشهامته وخبرته ومعرفته وعزمته ونهضته، فيزدلف إلى ذلك الأمر ازدلاف السيل إلى الوهاد ويكشف غماءه عنه باشتداد عزمه المعتاد يثقف منه بسداد سعيه أود المئاد.

كما نقل أبو محمد عبد الملك بن هشام في السيرة النبوية ما ملخصه:

أن رفاعة بن زيد الجذامي قدم على رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، وكتب له رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كتابا إلى قوم يدعوهم إلى الإسلام. فقدم عليهم بالكتاب ودعاهم إلى الإسلام فاستجابوا له، ثم إن زيد بن حارثة جهزه رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بجيش فاتفق أن الجيش أصابوا قوم رفاعة فقتلوا وأسروا وهم لا يعلمون حقيقة حالهم، فجاء من قوم رفاعة جماعة إليه فأعلموه فركب معهم إلى المدينة فدخل على النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وعرض الكتاب وقال: يا رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) دونك هذا قديما كتابه حديثا غدره، فقال له رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)

Page 141