269

Mashariq

مشارق أنوار العقول

Genres

(وبه يتم الكلام على الركن الثالث إن شاء الله تعالى) وفي حصر المصنف الكبائر في ذينك القسمين أعني كفر الجحود وكفر النعمة نفي للمنزلة بين المنزلتين، أي لا منزلة عندنا بين منزلتي الإيمان والكفر لأن المكلف إما مؤمن وإما كافر، وقد تقدم لك في باب الإيمان أن الإيمان عندنا فعل الواجبات فالكفر مقابله أي فالكفر هو ترك شيء من الواجبات، أو فعل شيء من المحرمات من الكبائر وقيدنا الكفر بالكبائر لأنه قد تقدم لك أن فاعل الصغيرة مسلم ما لم يصر على فعله وزعمت المعتزلة أن فاعل الكبيرة التي هي ليست بشرك لا يسمى كافرا لكن يخص باسم الفاسق، فالفسق عندهم منزلة بين منزلتي الإيمان والكفر وذلك أنهم قالوا: إنا رأينا أحكام الفاسق في الدنيا موافقة لأحكام المؤمن من جواز مناكحته وموارثته وذبائحه ودفنه في مقابر المؤمنين، وأحكامه في الآخرة موافقة لأحكام الكافر أي المشرك من إدخاله النار وتخليده فيها والعياذ بالله فالخلاف بيننا وبينهم على هذا لفظي.

(بيانه): أن فاعل الكبيرة من غير الشرك لا يسمى مؤمنا ولا كافرا عندهم بل يخص باسم الفاسق لقصرهم اسم الكافر على المشرك ونحن نطلق عليه اسم الكافر دون المؤمن لعموم الكفر عندنا للفاسق والمشرك كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.

(وذهب) الأزارقة([1]) إلى أن المعاصي كلها كفر وشرك مستدلين بقوله تعالى ((ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بينا))([2]) والضلال البعيد هو الشرك.

(قلنا): عموم الآية مخصوص بقوله تعالى ((إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر سيئاتكم))([3]) الآية فمجتنب الكبيرة غير ضال ضلالا بعيدا وإن أتى الصغيرة وأيضا فلا نسلم أن الضلال البعيد مقصور على الشرك بل يطلق عليه وعلى النفاق أيضا.

Page 279