فان قلت الطَّرِيق إِلَيْهَا السّمع كَمَا تذهبون إِلَيْهِ فَهِيَ مشوشة عَلَيْك من وُجُوه أَحدهَا أَن السّمع مفتقر إِلَى معرفَة الله تَعَالَى وَمَعْرِفَة الله تَعَالَى مفتقرة إِلَى السّمع وَهَذَا دور مَحْض لأَنا لَا نَعْرِف السّمع حَتَّى نَعْرِف الله تَعَالَى وَلَا نَعْرِف الله تَعَالَى حَتَّى نَعْرِف السّمع فَلَا يحصلان وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا فبأيهما نعترف وَمن أَيهمَا نعتذر لعمر الله إِنَّهَا مَسْأَلَة مجمجمة الذَّوْق محمحمة الشوق تعتورها الْعُقُول وتتفاخر فِيهَا الفحول فأجب بفتق صميمها وقشر أديمها
الثَّانِي انما يَصح الِاسْتِدْلَال بِكَلَام الله تَعَالَى مهما كَانَ عدل حَكِيم لَا يفعل الْقَبِيح وَلَا يُريدهُ قلت هَكَذَا لفظ السَّائِل بِالرَّفْع وَصَوَابه بِالنّصب عدلا حكيما فَأَما تجويزكم الْقَبِيح عَلَيْهِ بِكُل الكائنات من وُجُوه الْفساد من كفر وظلم وسوأة فَمَا الثِّقَة بِكَلَامِهِ وَمن هَا هُنَا انسد عَلَيْكُم بالنبوات من حَيْثُ جوز شيخكم أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ على الله تَعَالَى اظهار المعجز على الْكَذَّابين وَمَا اعتذر بِهِ شيخكم ابْن الْخَطِيب الرَّازِيّ من أَن المعجز مَوْضُوع للتصديق وتجويزكم الْقَبِيح على الله تَعَالَى لَا يقْدَح فِي صدق الرَّسُول فَإِنَّمَا هُوَ خُلُود من بحور الْهوى ومراوغة عَن الْحق وتخبط فِي تيه الْبَاطِل وضجع شيخكم أبي حَامِد هَكَذَا قَالَ وَصَوَابه بِالرَّفْع أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ على أَصْحَابنَا الْمُعْتَزلَة بِكَلَام لم نفهم مَعْنَاهُ من قَوْله الطَّبْع قَابل وَالْعقل باعث والمعجز مُمكن وَالرَّسُول مبلغ
وَلَقَد سَأَلنَا أعلم أهل زَمَاننَا عَنهُ فَقَالَ مَا فهمنا غَرَضه من هَذَا الْكَلَام مَعَ أَنه النَّاقِل لكَلَامه ومعترف بفضلة من حيازه لقصبات السَّبق فِي الْأُصُول الْفِقْهِيَّة والمجاري القياسية
الْوَجْه الثَّالِث هَب أَنا سلمنَا أَن الطَّرِيق إِلَى مَعْرفَته كَلَامه فَالْكَلَام
1 / 30