وقد يكون التجاء الأب إلى زوجة أخرى زيادة على زوجته الأولى مساويا في المساوئ والأضرار للطلاق. بل أحيانا يزيد؛ لأنه يحدث تفاوتا في المعاملة يحسه الطفل، كما يثير الشجار بين الزوجين، ويجعل من البيت مكانا للقلق عند الطفل.
وهو قلق يحسه الطفل ويجد أسبابه وهو صغير، ولكنه يحسه ولا يعرف أسبابه بعد ثلاثين سنة فلا يفهم منه إلا أنه مريض شاذ يحتاج إلى العلاج النفسي.
الطلاق وتعدد الزوجات هما كارثة المجتمع المصري؛ إذ ليس لنا عائلة لوجودهما. والعائلة هي الأساس الذي تبنى عليه المجتمعات.
ونعني عائلة ثابتة لا تتزلزل بمتوسط مرة كل خمس أو عشر سنوات بالطلاق أو بزيادة زوجة أخرى تحيل البيت إلى مكان للأسرة (أي الرهط)، وليس للعائلة، أي الزوجين وأبنائهما فقط.
نحتاج إلى وزارة للعائلة تكون وزارة التموين الحاضرة جزءا منها بل جزءا صغيرا؛ لأن اهتمامنا بالأكل يجب أن يكون صغيرا إلى جنب اهتمامنا بجعل البيت هنيئا في شئونه الأخرى، وخاصة شأن الحب بين الزوجين، وشأن الحب بين الأبوين والأبناء، وشأن المكافحة للطلاق وتعدد الزوجات، وشأن تسهيل الزواج بين الشبان والفتيات، زواج بلا مهر أو أثاث. إننا نحتاج إلى «بيت» يتألف من أبوين وأبناء وحب وثقافة وضيافة. ولا نريد أن نقنع بأن نقيم في «منزل» للأكل والشرب.
ومع ذلك سوف يكون لوزارة العائلة أكبر الاهتمام ببناء المنازل. وأكبر الاهتمام بصحة الأفراد في العائلة، وأكبر الاهتمام بالشيخوخة عندما يسن الأبوان ويعجزان عن الكسب.
بل يجب أن نهتم بالعائلة قبل أن نبدأ، وذلك بتعليم الشبان والفتيات وقت عزوبتهم؛ أي قبل الزواج، تلك التفاصيل الدقيقة السامية عن الحب والحياة الزوجية وشرف الأمانة الزوجية وجمال الجسم وجمال النفس. ويجب أن نعرفهم بما يحتاجون إليه من معاني الوراثة والبيئة والمرض الوراثي ... إلخ.
وبكلمة أخرى يجب على وزارة العائلة أن تؤلف كتابا عن الحب والسعادة بين الزوجين.
ثم عليها أن تؤلف كتابا عن الطبخ.
بل ماذا أقول؟ لقد ألفت إحدى حكومات أوربا هذا الكتاب وكلفها مئات الألوف من الجنيهات وباعته للعائلات ، أجل للعائلات، حتى تستطيع ربة البيت أن تحسن الطهو. ولكن، وهنا القيمة العظمى، الذين أشرفوا على تأليف هذا الكتاب أطباء لا طهاة، أليس هذا حسنا؟ يجب أن نتذوق الطعام بعقولنا فنختار الصحيح السليم الذي يغذو، ولا نتذوقه بألسنتنا وأفواهنا فقط فنختار الحلو اللذيذ الذي قد لا يغذو أو لا يكون سليما.
Unknown page