24

Maqsad Asna

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

Investigator

بسام عبد الوهاب الجابي

Publisher

الجفان والجابي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ - ١٩٨٧

Publisher Location

قبرص

فَإِن قلت طلب الْقرب من الله ﷿ بِالصّفةِ أَمر غامض تكَاد تشمئز الْقُلُوب عَن قبُوله والتصديق بِهِ فزده شرحا تكسر بِهِ سُورَة إِنْكَار المنكرين فَإِن هَذَا كالمنكر عِنْد الْأَكْثَرين إِن لم تكشف حَقِيقَته فَأَقُول لَا يخفى عَلَيْك وَلَا على من ترعرع قَلِيلا من دَرَجَة عوام الْعلمَاء أَن الموجودات منقسمة إِلَى كَامِلَة وناقصة والكامل أشرف من النَّاقِص وَمهما تفاوتت دَرَجَات الْكَمَال وَاقْتصر مُنْتَهى الْكَمَال على وَاحِد حَتَّى لم يكن الْكَمَال الْمُطلق إِلَّا لَهُ وَلم يكن للموجودات الْأُخَر كَمَال مُطلق بل كَانَت لَهَا كمالات مُتَفَاوِتَة بِالْإِضَافَة فأكملها أقرب لَا محَالة إِلَى الَّذِي لَهُ الْكَمَال الْمُطلق أَعنِي قربا بالرتبة والدرجة لَا بالكمال ثمَّ الموجودات منقسمة إِلَى حَيَّة وميتة وَتعلم أَن الْحَيّ أشرف وأكمل من الْمَيِّت وَأَن دَرَجَات الْأَحْيَاء ثَلَاثَة دَرَجَة الْمَلَائِكَة ودرجة الْإِنْس ودرجة الْبَهَائِم ودرجة الْبَهَائِم أَسْفَل فِي نفس الْحَيَاة الَّتِي بهَا شرفها لِأَن الْحَيّ هُوَ الدراك الفعال وَفِي إِدْرَاك الْبَهِيمَة نقص وَفِي فعلهَا نقص أما إِدْرَاكهَا فنقصانه أَنه مَقْصُور على الْحَواس وَإِدْرَاك الْحس قَاصِر لِأَنَّهُ لَا يدْرك الْأَشْيَاء إِلَّا بمماسة أَو بِقرب مِنْهَا فالحس مَعْزُول عَن الْإِدْرَاك إِن لم يكن مماسة وَلَا قرب فَإِن الذَّوْق واللمس يحتاجان إِلَى المماسة والسمع وَالْبَصَر والشم يحْتَاج إِلَى الْقرب وكل مَوْجُود لَا يتَصَوَّر فِيهِ المماسة والقرب فالحس مَعْزُول عَن إِدْرَاكه فِي الْحَال وَأما فعلهَا فَهُوَ أَنه مَقْصُور على مُقْتَضى الشَّهْوَة وَالْغَضَب لَا باعث لَهَا سواهُمَا وَلَيْسَ لَهَا عقل يَدْعُو إِلَى أَفعَال مُخَالفَة لمقْتَضى الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَأما الْملك فدرجته أَعلَى الدَّرَجَات لِأَنَّهُ عبارَة عَن مَوْجُود لَا يُؤثر الْقرب والبعد فِي إِدْرَاكه بل لَا يقْتَصر إِدْرَاكه على مَا يتَصَوَّر فِيهِ الْقرب والبعد إِذْ الْقرب والبعد يتَصَوَّر على الْأَجْسَام والأجسام أخس أَقسَام الموجودات ثمَّ هُوَ مقدس عَن الشَّهْوَة وَالْغَضَب فَلَيْسَتْ أَفعاله بِمُقْتَضى الشَّهْوَة وَالْغَضَب بل داعيه

1 / 47