23

Maqsad Asna

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

Investigator

بسام عبد الوهاب الجابي

Publisher

الجفان والجابي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ - ١٩٨٧

Publisher Location

قبرص

بصفاته الْبَاطِنَة الَّتِي يُدْرِكهَا بمشاهدة بَاطِنه لَا بإحساس ظَاهر وَكم بَين هَذَا وَبَين الِاعْتِقَاد الْمَأْخُوذ من الْآبَاء والمعلمين تقليدا والتصميم عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مَقْرُونا بأدلة جدلية كلامية الْحَظ الثَّانِي من حظوظهم استعظامهم مَا ينْكَشف لَهُم من صِفَات الْجلَال على وَجه ينبعث من الاستعظام يشوقهم إِلَى الاتصاف بِمَا يُمكنهُم من تِلْكَ الصِّفَات ليقربوا بهَا من الْحق قربا بِالصّفةِ لَا بِالْمَكَانِ فيأخذوا من الاتصاف بهَا شبها بِالْمَلَائِكَةِ المقربين عِنْد الله ﷿ وَلنْ يتَصَوَّر أَن يمتلئ الْقلب باستعظام صفة واستشرافها إِلَّا ويتبعه شوق إِلَى تِلْكَ الصّفة وعشق لذَلِك الْكَمَال والجلال وحرص على التحلي بذلك الْوَصْف إِن كَانَ ذَلِك مُمكنا للمستعظم بِكَمَالِهِ فَإِن لم يكن بِكَمَالِهِ فينبعث الشوق إِلَى الْقدر الْمُمكن مِنْهُ لَا محَالة وَلَا يَخْلُو عَن هَذَا الشوق أحد إِلَّا لأحد أَمريْن إِمَّا لضعف الْمعرفَة وَالْيَقِين بِكَوْن الْوَصْف الْمَعْلُوم من أَوْصَاف الْجلَال والكمال وَإِمَّا لكَون الْقلب ممتلئا بشوق آخر مُسْتَغْرقا بِهِ فالتلميذ إِذا شَاهد كَمَال أستاذه فِي الْعلم انْبَعَثَ شوقه إِلَى التَّشَبُّه والاقتداء بِهِ إِلَّا إِذا كَانَ مملوءا بِالْجُوعِ مثلا فَإِن استغراق بَاطِنه بشوق الْقُوت رُبمَا يمْنَع انبعاث شوق الْعلم وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَن يكون النَّاظر فِي صِفَات الله تَعَالَى خَالِيا بِقَلْبِه عَن إِرَادَة مَا سوى الله ﷿ فَإِن الْمعرفَة بذر الشوق وَلَكِن مهما صَادف قلبا خَالِيا عَن حسيكة الشَّهَوَات فَإِن لم يكن خَالِيا لم يكن الْبذر منجحا الْحَظ الثَّالِث السَّعْي فِي اكْتِسَاب الْمُمكن من تِلْكَ الصِّفَات والتخلق بهَا والتحلي بمحاسنها وَبِه يصير العَبْد ربانيا أَي قَرِيبا من الرب تَعَالَى وَبِه يصير رَفِيقًا للملأ الْأَعْلَى من الْمَلَائِكَة فَإِنَّهُم على بِسَاط الْقرب فَمن ضرب إِلَى شبه من صفاتهم نَالَ شَيْئا من قربهم بِقدر مَا نَالَ من أوصافهم المقربة لَهُم إِلَى الْحق تَعَالَى

1 / 46