234

Maqasid Caliyya

المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية

وقد كان يستغني عن إفراد هذا الواجب أيضا؛ لدخوله في قوله: (فلو أبدل الصيغة بطلت) فإن تغيير الترتيب تبديل للجزء الصوري. وكأنه أراد بالإبدال هناك إبدال مادتها دون صورتها، فتعدد بذلك الواجب وإن كان يمكنه جمعهما مراعاة لزيادة العدد باعتبار ما.

واعلم أن المصنف غير مرجع الضميرين في هذه العبارة حيث أنث الأول وأعاده إلى التحريمة أو الصيغة، وذكر الثاني وأعاده إلى التكبير. وسوغ ذلك كون الشيء الواحد له لفظان مختلفان في التذكير والتأنيث، فإنه يجوز إعادة ضميره إلى أحدهما بتأويل الآخر، كما نقل من كلامهم: فلان أتاه كتابي فاحتقرها، بتأويل الرسالة أو الصحيفة.

[الثامن: إسماع نفسه تحقيقا]

(الثامن: إسماع نفسه) الصيغة (تحقيقا) مع خلو السمع عن المانع من صمم وصوت وحائل ونحوه (أو تقديرا) عند وجود المانع من السمع.

ونبه بكون الواجب فيه (إسماع نفسه) عليه أنه لا يجب فيه جهرا ولا إخفاتا عينا، بل يتخير فيه مطلقا وإن كان للفضيلة تفصيل آخر، وقد علم من الأول وجوب التلفظ به. وفي جمعه بينهما تنبيه على عدم انحصاره فيه، بل اللفظ أعم من سماعه، وكذا يعلم ذلك من قولهم في القراءة: أقل السر إسماع نفسه مع وجوب التلفظ بالقراءة.

[التاسع: إخراج حروفه من مخارجها]

(التاسع: إخراج حروفه من مخارجها) المقررة لها في مواضعها، فلو أخرجها من غيرها بطل.

ويعلم من ذلك وجوب تعلم المخارج عينا، إذ لا يعلم خروج الحرف من مخرجه بدون العلم بمخرجه، اللهم إلا أن يعرضه على العالم به مرارا، أو يخبره بخروجه من مخرجه ويعلم أنه لم يتعد ذلك المخرج في تلفظه. وهذا في الغالب أمر سهل وإن كان إطلاق إيجابه مقتضيا للعسر، حيث يستلزم تكليف الآحاد بمعرفة مخارج الحروف، وهو غير معهود من تكليف صاحب الشرع وتابعيه (عليهم السلام).

وكما يجب إخراج حروف تكبيرة الإحرام من مخارجها، كذا يجب ذلك لغيره من

Page 241