Maqasid Caliyya
المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية
Genres
أوله، جمعا بين كونه جزء، وكون التحريم به إنما يتحقق بإكماله؛ لأن تعليق الحكم على مجموع لا يتم إلا بجميع أجزائه، خلاف الجزئية فإنها لا تتوقف على المجموع، بل جزء الجزء جزء.
وحيث قد عرفت أن النية أمر واحد بسيط، وهو القصد إلى الأمر المخصوص على وجه مخصوص، كانت المقارنة بذلك القصد المستلزم الحضور المقصود بالبال، وهذا معنى قولهم: إن المقارنة تكون بمجموع الأمور الأربعة.
وكيف كان فهو أمر سهل وتكليف هين، وفإن المعتبر لحظ الذهن له بأدنى مخيلة، وهذا القدر أمر لا ينفك منه جميع العقلاء، بل الأغبياء الجهلاء عند إرادتهم فعلا ما من الأفعال فإنهم لا يفعلونه إلا بقصد وتخصيص له من بين الأفعال، كما يشهد به الوجدان، مع أنهم لا يتكلفون لنيته عند فعله. والقدر الذي تزيده نية الصلاة من المميزات لا يوجب ذلك، إلا بمعارضة الوهم أو الشيطان.
ومن هنا قال بعض الفضلاء: لو كلف الله تعالى الصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية كان تكليف ما لا يطاق، وما هذا شأنه لا حاجة إلى التعب في تحصيله، وهو كلام متين لمن تدبره.
وما يتفق لبعض الناس من تجشم الاستحضار، فهو مجرد وهم أو معارضة شيطان، حتى ربما (1) صير بعضهم هجنة (2) عند العقلاء وضحكة للجهلاء، فالأصوب لهم البناء على الصحة والإعراض عن هذا الخيال وإن عزهم (3) الخبيث بأن ذلك غير جائز، فإن أقل ما يجوزه- مع سهولة الخطب واستلزام مخالفة الشيطان- أن الوقوف على ما يرضيه موجب للعسر والحرج المنفيين عنا إجماعا، فإذا لم يلتفت إلى ذلك مرة بعد
Page 229