حديثٌ آخر، لكنّ الوليد شاميّ، ورواية أهل الشام عن زهير أنكرها الأئمة؛ لأنّ زهيرًا حدّثهم من حفظه، فغلط وخلّط (^١).
الخامسة: أنّه لمّا جرى ذكر المطَّلب في القصة ذُكِر بما ظاهره أنّ المُخبِر غيرُه: "فقال له المطلب بن أبي وداعة السهميّ ... فقال له عمر ... ".
وهذا يَرِيب في قوله في السند: "عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السّهمي عن أبيه عن جده"؛ ويُشعِر بأنّ الحكاية منقطعة.
وقال الأزرقي (^٢): حدثني ابن أبي عمر قال: حدثنا ابن عيينة عن حبيب بن أبي الأشرس قال: "كان سيلُ أمّ نهشل قبل أن يعمل عمر ﵁ الرّدمَ بأعلى مكة، فاحتمل المقام من مكانه، فلم يُدْرَ أين موضعه، فلمّا قدم عمر بن الخطاب ﵁ سأل: من يعلم موضعه؟ فقال المطّلب بن أبي وداعة: أنا يا أمير المؤمنين! قد كنتُ قدّرتُه وذَرعتُه بمقاط ــ وتخوفتُ عليه هذا ــ من الحِجر إليه، ومن الركن إليه، ومن وجه الكعبة إليه، فقال: ائْتِ به، فجاء به، ووضعه في موضعه هذا، وعمِلَ عمرُ الردمَ عند ذلك".
قال سفيان: فذلك الذي حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه: "أنّ المقام كان عند سُقْع (^٣) البيت، فأمّا موضعه الذي هو موضعه: فموضعه الآن، وأمّا ما يقوله الناس: إنّه كان هنالك موضعه، فلا".
(^١) انظر "تهذيب التهذيب" (٣/ ٣٤٩، ٣٥٠).
(^٢) "أخبار مكة" (٢/ ٣٥).
(^٣) في كتاب الأزرقي: "سفع" وهو تصحيف. وفي المخطوطة: "صُقْع"، والسُّقع والصُّقع بمعنى الناحية. انظر "القاموس" (سقع).