وأحسن ما قيل في ذلك وأنفع كلام البدر الأمير في ((منحته)) بلفظ: ((والتحقيق أن السلطان الجائر الفاعل للمنكرات عاص فاعل للمنكر، وكل فاعل للمنكر يجب الإنكار عليه بشروطه بأحد المراتب الثلاث المعروفة باليد، أو اللسان، أو القلب، فإن حصلت شرائط كف يده وطي بساط أمره ونهيه وتغلبه وجب ذلك، ويكفي في حصول الشرائط الظن القوي وعليه يحمل خروج الحسين بن علي السبط عليه السلام وأهل المدينة على يزيد، وابن الأشعث على الحجاج، وكذلك خروج زيد بن علي على هشام، ومحمد بن عبد الله على المنصور، ونحوهم.
فإن كل خارج منهم لم يخرج إلا لإنكار الظلم والفاحشة وقد واطأه عصابة يظن بهم القيام بواجب إنكار المنكر وأخذ فاعل المنكر، وأنه ليس في خروجهم ما يؤدي إلى ما هو أنكر منه، فإن لم توجد الشرائط وجب الإنكار باللسان وهي المرتبة الثانية، وهو أعظم أنواع الجهاد كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر )) .
وبينا كونه أفضل في شرح ((الجامع الصغير)) المسمى بالتنوير وإن لم يستطع وجب الإنكار بالقلب وذلك أضعف الإيمان، كما في الحديث.
ودعوى أبي بكر بن مجاهد الإجماع على عدم الخروج على الظلمة كما حكاه القاضي عياض باطلة، وكيف يكون الإجماع على خلاف ما علم من الدين ضرورة ؟
Page 123