AUTO [مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين
الحمد لله الذي يؤتي الحكمة من عباده من يشاء، أحمده وله الشكر والثناء على ما أنعم به وهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة صادرة عن أقوم المذاهب، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله نصره بشموس المناقب، صلى الله عليه صلاة وسلاما يقومان بحق مقامه في أعلى المراتب، وعلى آله أعلام الدين وقرناء الكتاب ، وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحساب.
وبعد: فإن (الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير) المشتمل على صفوة كتب السنة وشروحها، ومذاهب علماء الأقطار، وأقوال السلف والخلف وحججهم، والأخذ والرد الذي عاق مؤلفه جدنا القاضي العلامة النحرير، صدر حفاظ العصر الأخير، الحسين بن أحمد بن الحسين السياغي روح الله روحه وجعل من الرحيق المختوم غبوقه وصبوحه عائق الحمام عن التمام، فلبى دعوة ربه نهار الخميس ثامن جمادى الأولى، سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف هجرية، عن إحدى وأربعين سنة وشهر، فوقف يراعه فيما علمنا على (باب متى يجب على أهل العدل قتال الفئة الباغية).
Page 45
وحديث الباب الآتي لحقيق على علماء الإسلام بذل الوسع والطاقة في إتمامه لإكماله على منهجه وأسلوبه، كما هو المعتبر في كل تتمة خصوصا وفي بقية (المجموع) بضع أحاديث من (كتاب السير) محتاج إليها، وبعدها (كتاب الفرائض) وهي نصف العلم، لصريح خبر أبي هريرة الآتي في (كتاب الفرائض) وبعدها أبواب الولاء، والعتاق، والمكاتب، والوصايا، وما يتعلق بكل منها وما بعدها من الأبواب في الحديث المشتملة على نيف وتسعين حديثا في فنون شتى لا يستغني عنها أحد من الناس.
كيف لا يتمم وهو نعم الوثيقة لعلماء الأنام على أول مجموع في السنة، وأول مؤلف في الإسلام على أسلوب ماضيه الذي عز وجوده في المشهود والمسموع لا يستغني عنه طوائف العلماء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
وقد سبق إلى القيام بشرح هذه البقية سيدي العلامة عبد الكريم بن عبد الله بن محمد أبو طالب ، وما قبلها من الحديث الثالث في الباب الثاني في (كتاب السير) بلفظ: حدثني زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، قال: ((لا يفسد الحج والجهاد جور جائر، كما لا يفسد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غلبة أهل الفسق)).
Page 46
AUTO [التعليق على تتمة الروض]
| AUTO [التعليق على تتمة الروض]
وهذا الحديث وما بعده إلى ما نحن بصدده قد سبق شرحها للمؤلف رضي الله عنه بما أغنى فلم نذكرها ثم تعقبه سيدي العلامة عباس بن أحمد بن إبراهيم مما نحن بصدده جزاهما الله خيرا.
لكن لا على منهج المؤلف وأسلوبه، وحسن صناعته كما هو المعتبر في كل تتمة، ومع ذلك ففي تتمة سيدي الضياء زيادة بعد الحديث الثالث في (باب طاعة الإمام) ذكر من (المجموع) ما لفظه:
قال: سألت زيد بن علي عن الإمامة فقال: ((هي في جميع قريش، ولا تنعقد الامامة إلا ببيعة المسلمين، فإذا بايع المسلمون وكان الإمام برا، تقيا، عالما، بالحلال والحرام، فقد وجبت طاعته على المسلمين)) انتهى.
وأطال في الكلام عليه وزاد أيضا في أثناء حديث المجموع الآتي في (القدر) بعد قوله: ((فلا تشهدوا جنائزهم)) بلفظ: فإن من زعم أن في الأرض شيئا لم يقدره الله ولم يقضه ولم يخلقه فقد زعم أن في الأرض إلها آخر يقضي ويقدر انتهى.
وكل منهما غير مذكور في نسخة (المجموع) بخط سلفنا المؤلف.
وقد بحثت عنهما في نيف وعشرين من نسخ (المجموع) الخطية القديمة المقروءة المعتمدة الشهيرة بالصحة فلم أجدهما من المجموع، وأخبرني غير واحد أنه قد بحث عنهما فلم يجدهما من (المجموع)، ولم أجدهما في نسخ (التخريج)، ولا في نسخ (المنهاج الجلي) فلم أذكرهما في هذه التتمة .
Page 47
AUTO [سبب التأليف]
| AUTO [سبب التأليف]
وطالما هممت بالقيام بهذه التكملة على نحو أسلوب المؤلف ومنهاجه، فإذا نبو المؤلفات والأوطار تدافعني، وعدم التأهل تمانعني، فتقاصرت همتي عن استطلاع طوالع أنوار هذه البقية، وتقاعدت عزائمي عن اكتشاف خبيئات أسرارها.
حتى كلفني من لا تسعني مخالفته حميد المساعي، الأخ القاضي، العلامة شرف المعالي، الحسين بن أحمد السياغي ، وأعانني بالمهم من المؤلفات التي منها يستمد، وعلى النقل منها يعتمد، إلى ما معي من المؤلفات وما جمعته من مؤلفات علماء السلف والخلف، فشرعت في المطلوب، وبذلت المجهود مستعينا بالملك المعبود.
فلست لغيره براج على الإعانة والتيسير والهداية، وإلا فلست من فرسان هذا الميدان، ولا ممن يعول عليه في بيان، ولا ممن يشار إليه بالبنان، راجيا من فضل الله الكريم التوفيق إلى ((المنهج المنير تمام الروض النضير))، وأن يجعله تجارة رابحة، وإلى رضوانه أشرف وسيلة.
معولا على من اطلع عليه ممن له معرفة تامة رواية ودراية إصلاح ما عسى أن يكون من زلة القدم، أو نبوة القلم، لنكون جميعا أعوانا على البر والتقوى.
Page 48
AUTO [سند المؤلف]
| AUTO [سند المؤلف]
وكل المؤلفات التي منها أستمد، وعلى النقل منها أعتمد، قد صح لي إسنادها إلى مؤلفيها منها ما هو بالسماع، ومنها ما هو بالإجازة، والكثير منها بهما، أما سندي في (المجموع) فمن طرق كثيرة سماعا وإجازة، وأقرب سند لي فيه بهما: عن شيخنا العلامة زينة المجالس، وسراج المدارس، الحسين بن علي العمري رحمه الله، عن شيخه حفيد المؤلف فريد زمانه ووحيد عصره سيدي الوالد العلامة المحقق الأورع التقي أحمد بن محمد بن يحيى السياغي رضي الله عنه عن شيخه القاضي العلامة الحسن بن أحمد بن يوسف الرباعي ، عن المؤلف رضي الله عنه بسنده المذكور في ((المقدمة)).
وقد تقدم للمؤلف رحمه الله شرح (الباب) في كتاب الطهارة، وبيان البغاة وأحكامهم وكيفية قتالهم في شرح أحاديث الباب قبل هذا بما أغنى عن الإعادة.
Page 49