[168] وأيضا فإنه إذا أدرك البصر مقادير أطوال خطوط الشعاع التي بين البصر وبين نهايات المبصر أو بين <نهايات> أجزاء سطح المبصر، فهو يحس بتساويها واختلافها. فإن كان سطح المبصر الذي يدركه البصر أو المسافة التي يدركها البصر مائلة أحس بميلها من إحساسه باختلاف مقادير أبعاد أطرافها. وإن كان السطح أو المسافة مواجهة أحس بمواجهتها من إحساسه بتساوي أبعاد أطرافها. وإذا أحس بميل المسافة أو مواجهتها فليس يلتبس على القوة المميزة مقدار عظمها، لأن التمييز يدرك من اختلاف بعدي طرفي المسافة المائلة ميل المخروط المحيط بها، وإذا أحس التمييز بميل المخروط أحس بفضل عظم قاعدته من أجل ميله. وإنما يلتبس مقدار عظم المائل بعظم المواجه إذا كان القياس بالزاوية فقط. فأما إذا كان القياس بالزاوية وبأطوال خطوط الشعاع التي بين البصر وبين أطراف المبصر فليس يلتبس مقدار العظم.
[169] فمقادير أعظام الخطوط والسطوح والمسافات المائلة يدركها البصر من إدراكه لمقادير بعاد أطرافها وإدراكه لاختلافها. إلا أن أبعد الأبعاد المعتدلة بالقياس إلى المبصر إذا كان المبصر مائلا أصغر من أبعد الأبعاد المعتدلة بالقياس إلى ذلك المبصر بعينه إذا كان مواجها. لأن البعد المعتدل بالقياس إلى لمبصر هو الذي ليس يخفى منه جزء من المبصر له نسبة محسوسة إلى جملة المبصر. وإذا كان المبصر مائلا فإن الزاوية التي يحيط بها الشعاعان الخارجان من البصر لى جزء من أجزاء المبصر المائل قد تكون أصغر من الزاوية التي يحيط بها الشعاعان الخارجان من البصر إلى ذلك الجزء بعينه وإلى ذلك البعد بعينه إذا كان المبصر مواجها للبصر. فالجزء الذي له نسبة محسوسة إلى جملة المبصر إذا كان المبصرمائلا قد يخفى من بعد أصغر من البعد الذي يخفى منه ذلك الجزء بعينه إذا كان ذلك المبصر مواجها. وإذا كان ذلك كذلك فالبعد المعتدل الذي ليس يخفى منه جزء له نسبة محسوسة إلى جملة المبصر، إذا كان ذلل المبصرمواجها، قد يخفى منه جزء له نسبة محسوسة إلى جملة المبصر إذا كان ذلك المبصر مائلا. فأبعد الأبعاد المعتدلة بالقياس إلى المبصر المائل أصغر من أبعد الأبعاد المعتدلة بالقياس إلى ذلك المبصر بعينه إذا كان ذلك المبصر مواجها. والمبصر المال بجملته يخفى من بعد أصغر من البعد الذي يخفى منه ذلك المبصر إذا كان مواجها، ويتصاغر مقداره من بعد أصغر من البعد الذي يتصاغر منه مقداره إذا كان مواجها.
Page 294