[125] فإدراك البصر لتجسم الأجسام إنما هو من إدراكه لانعطافات سطوح الأجسام. وانعطافات سطوح الأجسام التي بها يستدل البصر على تجسم الأجسام إنما يدركها البصر من الأجسام التي أبعادها معتدلة التي يتحقق البصر مقادير أبعادها. فما الأجسام المتفاوتة الأبعاد والأجسام التي ليس يتحقق البصر مقادير أبعادها، فليس يدرك البصر انعطاف سطوحها. وإذا لم يدرك انعطاف سطوحها فليس يدرك تجسمها بحاسة البصر، لأن المبصرات المتفاوتة الأبعاد والتي لا يتحقق البصر مقادير أبعادها، ليس يدرك البصر أوضاع أجزاء سطوحها بعضها من بعض وليس يدركها إلا مسطحة. وإذا لم يدرك البصر أوضاع أجزاء سطوحها بعضها عند بعض فليس يدرك انعطاف سطوحها. وإذا لم يدرك انعطاف سطوحها، ولم يدركها إلا مسطحة، فليس يدرك تجسمها. فليس يدرك البصر تجسسم الأجسام المتفاوتة الأبعاد، ولا الأجسام التي لا يتحقق أبعادها ولا يدرك انعطافات سطوحها.
[126] فالبصر يدرك تجسم الأجسام من إدراكه لانعطاف سطوح الأجسام. وانعطافات سطوح الأجسام إنما يدركها البصر من المبصرات المعتدلة الأبعاد التي يدرك أوضاع أجزاء سطوحها بعضها عند بعض. وما سوى ذلك من المبصرات فليس يدرك تجسمها بحاسة البصر، وإنم يدرك تجسمها بتقدم العلم فقط.
<إدراك الشكل>
[127] فأما الشكل، وهو كل المبصر، فإنه ينقسم إلى نوعين: أحدهما هو شكل محيط المبصر أو محيط جزء من أجزاء سطح المبصر، والنوع الثاني هو شكل تجسم المبصر أو شكل تجسم جزء من أجزاء المبصر، وهذا النوع هو هيئة سطح المبصر الذي يدرك البصر تجسمه أو هيئة الجزء من سطح المبصر الذي يدرك تجسمه. وجميع ما يدركه البصر من أشكال المبصرات ينقسم إلى هذين النوعين.
Page 270