[123] فأما الجسسم الذي فيه سطح محدب إذا كان سطحه المحدب يلي البصر، كان الذي يحيط به سطحا واحدا أو كان الذي يحيط به سطوحا كثيرة، مختلفة كانت سطوحه أو متشابهة، فإنه إذا أدركه البصر، وكان سطحه المحدب يلي البصر، وكان البصر يدرك تحديب سطحه، فإنه يدرك تجسمه من إدراكه لتحديب سطحه. وذلك أن السطح المحدب إذا كان مقابلا للبصر فإن أبعاد أجزاه من البصر تكون مختلفة ويكون وسطه أقرب إلى البصر من حواشيه. وإذا كان البصر يدرك تحديبه فهو يدرك أن وسطه أقرب إليه من أطرافه. فإذا أحس بأن وسطه أقرب من أطرافه وأن أطرافه أبعد فقد أحس بأن السطح منعطف في جهة التباعد. وإذا أحس بانعطاف السطح في جهة التباعد فقد أحس بامتداد الجسم في العمق بالإضافة إلى سطحه المواجه. وهو يدرك امتداد ذلك الجسم في الطول والعرض من إدراكه لامتداد السطح المحدب في الطول والعرض. وكذلك إذا كان سطح آخر من سطوح الجسم غير السطح المواجه للبصر محدبا وأدرك البصر تحديبه، فأنه يدرك امتداده في الأبعاد الثلثة. فالأجسام التي سطوحها محدبة أو فيها سطح محدب إذا أدرك البصر تحديب سطوحها فإنه يدرك تجسيمها.
[124] فأما الجسم الذي فيه سطح مقعر إذا أدركه البصر وأدرك سطحه المقعر، وأحس البصر مع ذلك بسطح آخر من سطوحه، وأحس بمقاطعته للسطح المقعر، فهو يحس بانعطاف سطح ذلك الجسم. وإذا أحس بانعطاف سطحه فقد أحس بتجسمه. فإن كان سطحه المقعر يلي البصر ولم يظهر للبصر شيء من سطوحه الباقية، فليس يدرك البصر تجسم ذلك الجسم، وليس يدرك البصر من الجسم الذي بهذه الصفة إلا امتداده في بعدين فقط من إدراكه لامتداد السطح المقعر في الطول والعرض. فليس يحس البصر بتجسم ما هذه صفته من الأجسام إلا بتقدم العلم فقط، لا من إحساسه بامتداده في الأبعاد الثلثة. والسطح المقعر يمتد في العمق أيضا لقرب أطرافه من البصر وبعد وسطه مع امتداده في الطول والعرض. إلا أنه إذا كان التقعير يلي البصر فامتداد السطح المقعر في العمق إنما يدرك منه امتداد الفضاء الذي هو التقعير في العمق، لا امتداد الجسم المبصر الذي ذلك السطح المقعر سطحه.
Page 269