114

============================================================

وكان رضي الله عنه من رؤساء قريش في الجاهلية، وأهل مشاورتهم، ومحببا فيهم، ومؤالفألهم، فلما جاء الإسلام. آثره على ما سواه ، ودخل فيه اكمل دخول: ولم يزل مترقيا في معارفه متزايدا في محاسنه حتل توفي رضي الله عنه .

وصحب النبي صلى الله عليه وسلم من حين أسلم الى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفارقه في حضر ولا سفر: وثبت في " الصحيح " (خ 4692) : عن عائشة رضي الله عنها قالت : (لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا ويأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشيا، ولما ابتلي المسلمون.. خرج أبو بكر مهاجرا نحو الحبشة..) وذكرت الحديث ، ورجوع أبي بكر من الطريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أن قالت : فبينما تحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة(1) . . قال قائل لأبي بكر : هذذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا في ساعة لم يكن ياتينا فيها، فقال أبو بكر : فدى له أبي وامي، ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) فاستأذن، فأذن له ، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " اخرج من عندك"، فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله ، قال : " فإني قد أذن لي في الخروج" ، فقال أبو بكر : الصحابة - أي : أسألك الصحبة - بأبي أنت يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم"، قال أبو بكر: فخذ- بأبي آنت يا رسول الله- احدى راحلتي هاتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بالثمن) .

قالت عائشة : (فجهزناهما احث الجهاز(2)، وصنعنا لهما سفرة في جراب(4) ، فقطعت آسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها(4)، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاق - وفي رواية : ذات النطاقين - قالت : ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله ابن آبي بكر وهو غلام شاب تقف(5)...) ثم ذكرت تمام الحديث في خروجهما إلى المدينة، ولحاق (1) تحر الظهيرة : هو حين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع .

(2) احث : أسرع، والجهاز : ما يحتاجه المسافر من متاع: (3) الجراب : وعاء الزاد.

(4) الطاق : ما يشد به الإنسان وسطه .

(5) قق: ذو فطنة وذكاه ، عارف بما يحتاج إليه

Page 114