يقول الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار:

((لقد فارق [الشيخ محمود قاري] هذه الدنيا يوم الجمعة السابع من ربيع الأول سنة ١٣٩٧ هـ بعد أن ترك فيها أولاداً صالحين بررة، وتلامذة يبلغون عشرات الآلاف في العالم العربي والإسلامي بينهم آلاف بهذه البلاد أنا أحدهم ... كان الشيخ محمود قاري يعلمنا الفرائض في الابتدائية وفي المعهد، وهو فرض عظيم، وعلامة جليل في الفقه الحنفي، وأستاذ بارع في الرياضيات، وكان موسوعة في علوم أخرى، وكان آية في الخلق، وكل أساتذتنا كانوا أرقى النماذج في الصلاح وحسن الخلق والكرم، وفي العلم والأدب ...

وكان لشيخنا رحمه الله أسلوب رائع في التربية والتعليم، وكانت العلوم الرياضية عسيرة علينا، فكنا نلجأ إليه فيها إذا لم نفهمها من أستاذنا فيها، وكنا نفهم الصعب منه في يسر وسهولة لأن أسلوب شيخنا القاري في الإفهام كان خيراً من أسلوب أستاذ المادة.

وكان شيخنا فكهاً ظريفاً ولطيفاً ...))

ويشير الأستاذ العطار إلى أن الشيخ محمود قاري كان يجيد حرفة التجليد ويستشهد على هذا بقوله:

((وشكونا إلى شيخنا العلامة الشيخ محمود قاري ذات مرة تمزق ما لدينا من الكتب العلمية والأدبية من كثرة تداولها دون تجليد، وما نريد أن ننفقه في التجليد نشتري به كتباً جديدة، فاستعد لأن يعلمنا التجليد يوم الخميس بعد انتهاء حصصه الدراسية، ولشد ما أدهشنا أن شيخنا كان علماً بالتجليد، وماهراً كل المهارة في صناعته، وأحضر لنا أدواته وعلمنا التجليد الافرنجي في ساعات حتى مهرنا فيه وأخذنا نجلد كتبنا بأيدينا)).

ويتمم الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار حديثه عن الشيخ محمود قاري بقوله:

وكان يحسن بعض اللغات مثل اللغة الأندونيسية والأردية وله طلاب ينتشرون في آسيا وإفريقيا وبخاصة في أندونيسيا، واستكثرتهم لأنه قضى بها أربع سنوات من سنة ١٣٤٤ هـ إلى ١٣٤٨ هـ وحسب، بل لأنه كان بين طلبته بمكة في مدارسها وطلبته بالمسجد الحرام كثير من الأندونيسيين.

ويعد الشيخ محمود قاري من بناة نهضة التعليم الإسلامي في أندونيسيا، فهو من واضعي المنهج، ومن أعظم من نشروا العلم فيها، حتى انتشر تلامذته في ذلك الأرخبيل.

وجيل شيخنا من الأساتذة جيل النابغين العباقرة فكل مشائخنا وأساتذتنا كانوا عظماء كباراً في العلم والفضل والنبل والأخلاق وهم الذين بنوا العلم ونهضوا به ...))^(١)