يقول ابن إياس: "وصار ينزل في المراكب ببركة الرطلي ويطوف البركة هو وأولاد عمه، وإن رأى امرأة جميلة في بيتها هجم عليها وطلع لها من الطاق وأخذها غصبًا وضرب زوجها بالمقارع في وسط بيته"١.
واضطربت الأسواق بشغب المماليك الذين يسمون (الجلبان)، وقد طم فسادهم وعم في هذا العصر، وصاروا أذى للناس في كل مكان، وغطت مساوئهم أواخر القرن التاسع وأوائل العاشر حتى سقطت دولتهم على أيدي العثمانيين٢.
وقد اشتهر عصرهم هذا بأحداث سياسية كثيرة شغلت السلاطين والنواب عن القيام بما يجب عليهم تجاه دينهم وأمتهم، فقد تعرضت دولة المماليك في مصر والشام لكثير من الفتن والثورات الداخلية، ومعظم هذه الفتن من المماليك أنفسهم لوجود تيارات متباينة ينتسب كل تيار إلى أحد السلاطين كالظاهرية، والناصرية، والمؤيدية وغيرها٣.
كما اشتهر عصرهم هذا بالمؤامرات وكثرة الدسائس التي تحاك في الظلام ضد أعدائهم أو ضد بعضهم، الآباء ضد الأبناء، والأبناء ضد الآباء، والزوجات ضد الأزواج، والأولاد ضد الأمهات، والأمهات ضد فلذات الأكباد، وعرف عهد المؤيد شيخ المحمودي باستخدام السم للتخلص ممن يراد التخلص منه، فقد دس السم لابنه ولخطيب مسجده٤.
_________
١ ابن إياس: بدائع الزهور ص: ٦٣١.
٢ ابن إياس: بدائع الزهور ص: ٤٤٩.
٣ المقريزي: الخطط ١/١٧٥.
٤ ابن إياس: بدائع الزهور ص: ٣٦٢.
1 / 19