al-Mahasin wa-l-addad

al-gahiz d. 255 AH
93

al-Mahasin wa-l-addad

المحاسن والأضداد

Publisher

دار ومكتبة الهلال

Publisher Location

بيروت

محاسن الشجاعة قيل: كان باليمانة رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك، وكان لسنًا فاتكًا شجاعًا شاعرًا، وكان قد أبر على أهل هجر وناحيتها، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف فكتب إلى عامل اليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به، ويأمره بالتجرد في طلبه حتى يظفر به، فبعث العامل إلى فتية من بني يربوع بن حنظلة، فجعل لهم جعلًا عظيمًا إن هم قتلوا جحدرًا أو أتوه به أسيرًا، ووعدهم أن يوفدهم إلى الحجاج ويسني فرائضهم، فخرج الفتية في طلبه حتى إذا كانوا قريبًا منه بعثوا إليه رجلًا منهم يريه أنهم يريدون الانقطاع إليه والتحرم به، فوثق بهم واطمأن إليهم، فبينما هم على ذلك إذ شدوه وثاقًا وقدموا به إلى العامل، فبعث به معهم إلى الحجاج وكتب يثني على الفتية. فلما قدموا على الحجاج قال له: أنت جحدر؟ قال: نعم. قال: ما حملك على ما بلغني عنك؟ قال: جرأة الجنان، وجفوة السلطان، وكلب الزمان، قال: وما الذي بلغ من أمرك فيجترىء جنانك ويصلك سلطانك ولا يكلب زمانك؟ قال: لو بلاني الأمير لوجدني من صالحي الأعوان، وبهم الفرسان وممن أوفى على أهل الزمان. قال الحجاج: إنا قاذفوك في قبة فيها أسد فإن قتلك كفانا مؤونتك، وإن قتلته خليناك ووصلناك، قال: قد أعطيت أصلحك الله الأمنية وأعظمت المنة وقربت المحنة. فأمر به فاستوثق منه بالحديد وألقي في السجن، وكتب إلى عامله بكسكر يأمره أن يصيد له أسدًا ضاريًا، فلم يلبث العام أن بعث إليه بأسد ضاريات قد أبرت على أهل تلك الناحية، ومنعت عامة مراعيهم ومسارح دوابهم، فجعل منه ومنها واحدًا في تابوت يجر على عجلة،

1 / 105