175

al-Mahasin wa-l-addad

المحاسن والأضداد

Publisher

دار ومكتبة الهلال

Publisher Location

بيروت

إذا نحن بامرأة على راحلة تسير، فسرت حذاءها، فقالت: «أتروي لكثير شيئًا»، قلت: «نعم» . قالت: «أنشدني»، فأنشدتها من شعره، فقالت: «أين هو»؟ قلت: «هو ذاك الذي ترين على غير الطريق»، فقالت بعد أن دنت منه: «قاتل الله زوج عزة حيث يقول: لعمرك ما رب الرباب كثيرٌ ... بفحلٍ ولا آباؤه بفحول فغضب كثير وسار وتركها، ثم نزل منزلًا، فجاءت جارية لها تدعوه، فأبى كثير أن يأتيها فقلت: «ما رأيت مثلك قط! امرأة مثل هذه ترسل إليك، فتأبى عليها»؟ فلم أزل به حتى أتاها، قال: فسفرت عن وجهها، فإذا هي أجمل الناس وأكملهم ظرفًا وعقلًا، وإذا هي غاضرة أم ولد بشر بن مروان، فصحبناها حتى كنا بزبالة فمالت بنا الطريق، فقالت له: «هل لك أن تأتي الكوفة فأضمن لك على بشر الصلة والجائزة»؟ فأبى وأمرت له بخسمة آلاف درهم، ولي بألفين، فلما أخذنا الخمسة الآلاف قال: «ما أصنع بعكرمة، وقد أصبت ما ترى»؟ فذلك قوله حيث يقول: شجا أظعان غاضرة الغوادي ... بغير مشورةٍ عوضًا فؤادي أغاضر لو رأيت غداة بنتم ... حنو العائدات على وسادي رثيت لعاشقٍ لم تشكميه ... جوانحه تلذع بالزناد (الشكيمة: العطية، والزناد: جمع زند وهو عود يقدح منه النار) . قالالحكم بن صخر الثقفي: حججت فرأيت بأقرة امرأتين لم أر كجمالهما وظرفهما وثيابهما، فلما حججت وصرنا بأقرة، إذا أنا بإحدى الجاريتين قد جاءت، فسألت سؤال منكر، فقلت: «فلانة»؟ قالت: «فداك أبي وأمي رأيتك عامًا أول شابًا سوقة، والعام شيخًا ملكًا، وفي وقت دون ذلك ما تنكر المرأة صاحبها» . فقلت: «ما فعلت أختك»؟ فتنفست الصعداء وقالت: قدم علينا ابن عم لنا فتزوجها، فخرج بها إلى نجد فذاك حيث أقول:

1 / 191