Muḥāsin al-taʾwīl
محاسن التأويل
Genres
في قوله تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) [التين : 4].
المسألة الرابعة : ليست السيارات مضيئة بذاتها ، بل إن الشمس هي مصباحها جميعا ( وجعل الشمس سراجا ) [نوح : 16] أي لهن ، كما يدل عليه السياق ، فالنور الذي نشاهده فيها منعكس عليها من الشمس.
المسألة الخامسة : السماوات والسيارات السبع شيء ، والشمس والقمر شيء آخر ، فهما ليسا من السيارات كما كان يتوهم القدماء ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ... ) [العنكبوت : 61] الآية وغيرها كثير.
المسألة السادسة : العوالم متعددة : ولذلك يقول القرآن في كثير من المواضع :
( الحمد لله رب العالمين ) [الفاتحة : 2] ، والعوالم هي منظومات من الكواكب المتجاذبة ( والسماء ذات الحبك ) [الذاريات : 7]. لا كما كان يتوهم القدماء : أن العالم واحد وأن الإنسان أشرف الموجودات ...!
المسألة السابعة ليست جميع العوالم مخلوقة لأجل هذا الإنسان : ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ) [غافر : 57] ، أي الناس المعهودين على وجه الأرض. والإنسان الأرضي أفضل من بعض المخلوقات لا كلها ( وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) [الإسراء : 70]. ولا ينافي ذلك قوله تعالى : ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ) [الجاثية : 13] ، إذ لا يلزم من هذا القول أنها غير مسخرة لغيرنا من الأحياء ، فالبحر مثلا ، قال الله تعالى فيه : ( سخر لكم البحر ) [الجاثية : 12] ، مع أنه مسخر لغيرنا من الحيوانات البحرية تسخيرا أتم وأعم ، فمنه تأكل وتشرب وتتنفس ، وفيه تسكن وتحيى وتموت. فما هو مسخر لبعض الحيوانات تسخيرا جزئيا قد يكون مسخرا لغيرها تسخيرا كليا. فكذلك النجوم مسخرة لنا لنهتدي بها في ظلمات البر والبحر مع أنها لغيرنا شموس عليها قوام حياتهم ، كما إن شمسنا عليها قوام حياتنا وهي بالنسبة لهم نجم من نجوم الثوابت.
وبالجملة : فإن جميع العوالم بما بينها من الارتباط العام والتجاذب الذي بينها مسخرة بعضها لبعض بالنفع الكلي أو الجزئي.
المسألة الثامنة : كان القدماء يعتقدون أن جميع الثوابت مركوزة في كرة مجوفة يسمونها كرة الثوابت أو فلك الثوابت وبحركة هذه الكرة تتحرك الكواكب كما تقدم. ومعنى ذلك : أن الكواكب لا حركة لها بذاتها ، وأن فلك
Page 211