============================================================
1184مفاتيح الآسرار ومصابيح الآبرار بأفعالهم واقوالهم، لا بمجرد علمه؛ فإن علمه بهم ينوب مناب علم الله تعالى؛ وكما أن الله تعالى لا يقضي على العباد بعلمه حتى يكلفهم بالإيمان والطاعة، نم يحكم عليهم بالاقرار والانكار، كذلك النبي - صلى الله عليه وآله - لا يقضي عليهم بعلمه حتى يبلغهم الرسالة، نم يحكم بالاقرار والانكار ظاهرين مكشوفين: وقاضي الشريعة غير: وقاضي القيامة غير؛ فقاضي الشريعة يجب أن يسوي بين الخصمين في المجلس والمنطق والمنظر، وإن كان يعرف أن أخذهما محق والثاني مبطل بالاطلاق أو بالتعيين، ثم يقضي بالشاهد واليمين وإن كان علمه لي خلاف ما شهد به الشهود؛ فربما يميز بين حلال وحرام ويفرق بين الزوجين بالشهود الزور أو اليمين الفاجرة، وذلك عدل الشريعة؛ وقاضى القيامة لايسوي قط بين المحق والمبطل، ولايقضى بشهادة الزور واليمين الفاجرة، بل يقضى بعلمه ، ولايذهب عليه الحق والباطل، ولايشتبه عنده الصادق والكاذب؛ وقد عرفت أن الحكمين من قواعد الدين والشريعة، وهماكالحكمين الجاريين على لسان موسى وفعل الخضر - عليهما السلام -(459)؛ فانه م وسى كان يقول: خرق السفينة إفساد مال الغير، وإغراق لأهلها: وذلك لايجوز في حكم الشريعة؛ وهو صادق؛ وأن الخضر كان يفعل ذلك لعلمه بأن وراءهم ملك يأخذكل سفينة غصبا؛ فاستبقاء الكل بإفساد الجزء منه أصلح وأصوب؛ وذلك جائز في الدين، وهو صادق؛ فحاكم الشريعة يحكم على المنافق بعصمة النفس والمال والولدكالمؤمن سواء، وهو صادق عادل؛ وحاكم القيامة يحكم على المنافق بالدرك الأسفل من النار، ولايسوي بينه وبين المؤمن أصلا وهو صادق في قوله، عادل في حكمه إلا أن يظهر من المنافق قول أو عمل او يتبدل دور بدور.
أما ظهور النفاق بالقول فكما ذكرنا -77 ب - من حديث ذي الخويصرة، وأما تبدل الدور فإن المنافق في دور النبوة لايبقى منافقا في دور الوصاية والإمامة، بل يحكم عليه بعض أحكام الكفر: فإن المنافق في الكون الأول على المشابهة بالمسلم؛ فتجرى عليه احكام الاسلام: وهو في الكون التانى على المباينة عن المسلم؛ فتجري عليه أحكام المباينة وهو الكفر؛ وعن هذا قال النبي -صلى الله عليه واله -: "فيكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزبله الا وهو خاصف النعل"(470) وهو بخصف النعل؛ وما قبيل في تفسير قوله ليتهنل
Page 250