Al-Madkhal al-fiqhī al-ʿāmm
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
والجواب: أن هذه النصوص الفقهية مفروضة في إحدى حالتين: - إما أن يكون الحاكم نفسه من أهل العلم والتقوى والاجتهاد في الشريعة كما كان في الصدر الأول من العهد الإسلامي . - وإما أن لا يكون عالما مجتهدا، وعندئذ لا يكون لأوامره هذه الحرمة الشرعية إلا إذا صدرت بعد مشورة أهل العلم في الشريعة وموافقتهم.
و لذلك كانت الأوامر القانونية التي تصدر في عهد السلطانين سليم وسليمان القانوني فيما له مساس بالشؤون الشرعية إنما تصدر غالبا عن فتوى المولى أبي السعود، وهو من أعظم الفقهاء المفتين. ثم في أواخر العهد العثماني كانت الأوامر السلطانية تصدر بموافقة دار المشيخة الإسلامية. والشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله، وهو من أعاظم فقهاء الحنفية المتأخرين، قال في رسالة له عن الدخان: (أي التبغ الذي انتشرت عادة تدخينه السيئة)، قال : "على أن أمراء زماننا لا يفيد أمرهم الوجوب ولا نفيهم التحريم".
أقول: ولا تجب على المكلف طاعته دينا ما لم يعرضه على من يونق بهم من أهل العلم المستنيرين فيقروه.
/15 - مشكلة موافقة بعض العلماء على أوامر مخالفة للشريعة: قلنا إن ولي الأمر الذي ليس بعالم مجتهد، لا يكون لأوامره وزن شرعي إلا إذا صدرت بعد مشورة أهل العلم بالشريعة وموافقتهم وها هنا تبرز مشكلة أخرى وهي أن موافقة أهل العلم قد تحصل ممن يخضعون للحكام أنفسهم ويمالثونهم رغبة أو رهبة، ولا يتجاسرون أن يردوا لحاكم طلبا أو يعصوا له أمرا. فهؤلاء لا قيمة لموافقتهم حتى لو كانوا ذوي علم.
Page 221