فأوغروا صدر الدروز غيظا وانتقاما لاستظهارهم عليهم في المرة الثانية.
واشتهر من أبطال هذه الموقعة عبد الله أبو خاطر القائد العام وابن عمه حنا، ويوسف الراعي، وعساف مسلم، ونسيباه مراد وأبو محمود، وأبو عبيد يوسف البريدي وأخواه مخول وأنطون، ومخول وناصيف غره، وأبو عساف جرجس الحاج شاهين، وناصيف دموس وهو لا يزال حيا معافى، وناصيف جدعون، وجرجس القرعان، ولحود ثابت البحمدوني، وموسى البحنسي، وإلياس هاشم المعلوف الذي قصم ظهر حصانه. وقد تثاقل تحته وأبناء عمه شبلي
30
وأبو علي مخايل وابن شقيقه نعمان، وحنا فرح وشقيقه طنوس الذي لا يزال حيا معافى، وعبد الله جبور وأخوه طنوس الملقب بأبي عفيفة وغيرهم ممن أبلوا في المواقع الماضية. وكان حملة الأعلام أبو عيطا النمير، ويوسف بشارة الخياط، وأبو لولو خليل الجريجيري، وعبد النور الششم، وقد ثبتوا ثبوت الأبطال أمام رصاص الدروز المتواصل. وكان الاضطراب لن يزال سائدا في نواحي لبنان ووادي التيم والبقاع، فكانت زحلة ملجأ للمنكوبين.
فيوم الأحد في 29 نيسان سنة 1845 جاءها كثير من البقاعيين ملتجئين إليها؛ لأن قراهم التهمتها النار على أثر المواقع الدامية، ويوم الثلاثاء في أول أيار حاصر الدروز قرية جزين، وحضر بعض سكانها إلى زحلة مع المطران يوسف رزق الماروني الذي سافر في اليوم الثالث إلى بيروت . ويوم الأربعاء في 9 منه جاء كثير من نصارى حاصبيا مدحورين. وكان الزحليون قد أكرموا وفادة من التجأ إلى بلدتهم وسكنوا روعهم بحسن معاملتهم، فجبروا قلوبهم الكسيرة وأراحوا نفوسهم المضطربة.
ويوم الأحد في 13 منه حضر إسماعيل بك إلى زحلة وسار إلى حاصبية.
ويوم الاثنين في 21 منه ذهب عسكر من زحلة إلى كفر سلوان.
ويوم الأربعاء في 6 حزيران جاء زحلة الأمير بشير أحمد اللمعي، وسافر بعد يومين إلى حاصبية.
ويوم الأربعاء في 27 منه جاء الخواجة برطاليس. وهكذا كانت زحلة محطا لرحال المداولات في الشئون الطارئة إذ ذاك.
وفي أواخر آب سنة 1845 قدم نميق باشا رئيس العسكر (سر عسكر) بأربعة آلاف من العسكر النظامي بقيادة داود باشا، فخيم في جسر دير زينون قاصدا التنكيل بزحلة، فسار شيوخها لمقابلته، فاستأذنوا للدخول عليه فأبى، فتقدم عبد الله أبو خاطر بجرأة ودخل عليه (والقصة مشهورة عند الزحليين)، فاستأذن لهم وقابلوه، ففاوضهم الباشا بشأن كف القتال وجمع السلاح، وطلب منهم مئونة لعسكره وعلفا لخيولهم؛ لأنه زاحف بهم إلى زحلة، فامتثلوا أمره، واستأذنوا بالعودة، وعند وصولهم البلدة نبهوا أن يخبز كل الطحين الموجود فيها دفعة واحدة لطعام العسكر، ويجمع الشعير الموجود علفا لخيولهم.
Unknown page