Madhahib Al-Nas fi Sifat Al-Mahabba Lillah Azza wa Jal
مذاهب الناس في صفة المحبة لله عز وجل
Genres
لك: ولا تجد في الشاهد ما هو مسمى بأنه حي عليم قدير إلا ما هو جسم، فإن نفيت لكونك لم تجده في الشاهد إلا لجسم فانف الأسماء، بل وكل شيء لأنك لا تجده في الشاهد إلا لجسم) (^١).
ويقال له: قد سمى الله ورسوله صفات الله علمًا وقدرةً وقوةً، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ [الروم: ٥٤]، ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا﴾ [يوسف: ٦٨]، ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثير، وهذا لازم لجميع العقلاء، فإن من نفى صفة من صفاته التي وصف الله بها نفسه، كالرضا، والغضب، والمحبة، والبغض، ونحو ذلك، وزعم أن ذلك يستلزم التشبية والتجسيم، قيل له: فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن ما تثبته له ليس مثل صفات المخلوقين، فقل فيما نفيته وأثبته الله ورسوله مثل قولك فيما أثبته، إذ لا فرق بينهما.
فإن قال - أي الجهمية-: وأنا لا أثبت له الأسماء الحسنى، بل أقول هي مجاز، وهي أسماء لبعض مبتدعاته، كقول غلاة الباطنية والمتفلسفة.
قيل له: فلا بد أن تعتقد أنه موجود حق قائم بنفسه، والجسم موجود قائم بنفسه، وليس هو مماثلًا له.
فإن قال-غلاة الجهمية والفلاسفة-: أنا لا أثبت شيئًا، بل أنكر وجود الواجب.
قيل له: معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه، وإما غير واجب بنفسه، وإما قديم أزلي، وإما حادث كائن بعد أن لم يكن، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق، وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق، وإما فقير إلى ما سواه، وإما غني عما سواه.
وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه، والحادث لا يكون إلا بقديم، والمخلوق لا يكون إلا بخالق، والفقير لا يكون إلا بغني عنه، فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه قديم أزلي خالق غني عما سواه، وما سواه بخلاف ذلك.
وقد علم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد أن لم يكن، والحادث لا يكون واجبًا بنفسه، ولا قديما أزليًا، ولا خالقًا لما سواه، ولا غنيًا عما سواه، فثبت بالضرورة وجود موجودين: أحدهما واجب، والآخر ممكن، أحدهما قديم والآخر حادث، أحدهما غني والآخر فقير، أحدهما خالق والآخر مخلوق، وهما متفقان في كون كل منهما شيئًا موجودًا ثابتًا ومن المعلوم أيضًا أن أحدهما ليس مماثلًا للآخر في حقيقته) (^٢).
(^١) التدمرية، ص ٣١ - ٣٢. (^٢) شرح العقيدة الطحاوية ص (١/ ٦١ - ٦٢)، التدمرية، ص ٣١ - ٣٣، ١١٩، شرح العقيدة الأصفهانية ص ٢٥ - ٢٦.
1 / 17