الفعل الَّذِي قبلها من العلم وأشباهه لأنك تجد الفعل غير واقع على أي فِي المعنى ألا ترى أنك إذا قلت: اذهب فاعلم أيهما قام أنك تسأل غيرهما عن حالهما فتجد الفعل واقعا على الَّذِي أعلمك، كما أنك تقول: سل أَيُّهُمْ قام، والمعنى: سل الناس أيُّهُمْ قام. ولو أوقعت الفعل على «أَيَّ» فقلت: أسأل أيَّهُمْ قام لكنت كأنك تضمر أيًّا مرة أخرى لأنك تقول: سل زيدًا أيُّهُمْ قام، فإذا أوقعت الفعل على زَيْدُ فقد جاءت «أي» بعده. فكذلك «أي» إذا أوقعت عليها الفعل خرجت من معنى الاستفهام، وذلك أن أردته، جائز، تقول: لاضْرِبَنَّ أيَّهُم يقول ذاك لأن الضرب لا يقع على [اسم ثُمَّ يأتي بعد ذلك استفهام، وذلك لأن الضرب لا يقع على «١»] اثنين، وأنت تقول فِي المسألة: سل عَبْد اللَّه عن كذا، كأنك قلت:
سله عن كذا، ولا يجوز ضربت عَبْد اللَّه كذا وكذا إلا أن تريد صفة الضرب، فأما الأسماء فلا. وقول اللَّه: «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» «٢» من نصب أيًّا أوقع عليها النزع وليس باستفهام، كأنه قال: ثُمَّ لنستخرجن العاتي الَّذِي هُوَ أشد. وفيها وجهان من الرفع أحدهما أن تجعل الفعل مكتفيا بمن فِي الوقوع عليها، كما تقول: قد قتلنا من كل قوم، وأصبنا «٣» من كل طعام، ثُمَّ تستأنف أيّا فترفعها بالذي بعدها، كما قال جل وعز: «يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ»
_________
- فنصب، وقال الفراء أيضا: «أي» إذا أوقعت الفعل المتقدّم عليها خرجت من معنى الاستفهام، وذلك أن أردته جائز، يقولون: لأضربن أيهم يقول ذلك (بالنصب) . وقال الكسائي: تقول لأضربن أيهم فى الدار (بالنصب) ولا تقول: ضربت أيهم فى الدار، ففرق بين الواقع والمنتظر.
والكوفيون يجرون «أيا» مجرى من وما فى الاستفهام والجزاء، فإذا وقع عليها الفعل وهى بمعنى الذي نصبوها لا محالة، فيقولون: اضرب أيهم أقبح، وأكرم أيهم هو أفضل. وحكى أنهم قرءوا بالنصب فى الآية «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» .
(١) ما بين المربعين ساقط فى أ.
(٢) آية ٦٩ سورة مريم.
(٣) فى ج، ش: وأكلنا.
1 / 47