Maʿārij al-qabūl bi-sharḥ Sullam al-wuṣūl
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
وَجَلَّ: "كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا". وَمَنْ أَشَارَ إِلَى غَيْرِ هَذَا فَإِنَّمَا يُشِيرُ إِلَى الْإِلْحَادِ مِنَ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ.
"وَهُوَ الْقَرِيبُ جَلَّ فِي عُلُوِّهِ" فَهُوَ ﷾ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ عَالٍ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ يُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَاهُ. وَيَعْلَمُ سِرَّهُ وَنَجْوَاهُ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى دَاعِيهِ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ. وَيَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُ الْإِنْسَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. فَإِنَّ الَّذِي عِنْدَ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ أَوْ عِنْدَ حَبْلِ وَرِيدِهِ لَا يَعْلَمُ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ، وَاللَّهُ ﷿ عَلَى عَرْشِهِ وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَيَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَهُوَ مَعَ خَلْقِهِ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ، وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ، فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وَبِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْقَرِيبُ فِي عُلُوِّهِ، الْعَلِيُّ فِي دُنُوِّهِ وهو الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
حي وقيوم لا يَنَامُ ... وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهَهُ الْأَنَامُ
لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ ... وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
"حَيٌّ" لَا يَمُوتُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الْفُرْقَانِ: ٥٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ فَهُوَ الْحَيُّ الَّذِي لَمْ تُسْبَقُ حَيَاتُهُ بِالْعَدَمِ وَلَمْ تُعْقَبْ بِالْفَنَاءِ، هُوَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ وَالْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ" ١.
"وَقَيُّومٌ" فَهُوَ الْقَيُّومُ بِنَفْسِهِ الْقَيِّمُ لِغَيْرِهِ فَجَمِيعُ الْمَوْجُودَاتِ مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا وَلَا قِوَامَ لَهَا إِلَّا بِهِ وَلَا قِوَامَ لَهَا بِدُونِ أَمْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ
١ البخاري "١٣/ ٣٦٨" في التوحيد، باب قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ .
ومسلم "٤/ ٢٠٨٦/ ح٢٧١٧" في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل.
1 / 207