Lubab Fi Culum Kitab
اللباب في علوم الكتاب
وقال البغوي - رحمه الله تعالى - فإن قيل: لم قدم ذكر العبادة على الاستعانة، والاستعانة لا تكون إلا قبل العبادة؟
قلنا: هذا يلزم من جعل الاستعانة قبل الفعل، ونحن نجعل التوفيق، والاستعانة مع الفعل، فلا فرق بيت التقديم والتأخير.
وقيل: الاستعانة نوع تعبد، فكأنه ذكر جملة العبادة أولا، ثم ذكر ما هو من تفاصيلها وأطلق كلا من فعلي العبادة والاستعانة فلم يذكر لهما مفعولا؛ ليتناول كل معبود به، وكل مستعان [عليه]، أو يكون المراد وقوع الفعل من غير نظر إلى مفعول؛ نحو:
كلوا واشربوا
[البقرة: 60] أي أوقعوا هذين الفعلين.
فصل في نظم الآية
قال ابن الخطيب - رحمه الله تعالى -: قال تعالى: " إياك نعبد " فقدم قوله: " إياك " على قوله: " نعبد " ولم يقل: " نعبدك " لوجوه:
أحدها: أنه - تبارك وتعالى - قدم ذكر نفسه؛ لينبه العابد على أن المعبود هو الله - تعالى - فلا يتكاسل في التعظيم.
وثانيها: أنه إن ثقلت عليك العبادات والطاعات وصعبت، فاذكر أولا قوله: " إياك "؛ لتذكرني، وتحضر في قلبك معرفتي، فإذا ذكرت جلالي وعظمتي، وعلمت أني مولاك، وأنك عبدي؛ سهلت عليك تلك العبادة.
وثالثها: أن القديم الواجب لذاته متقدم في الوجود على لمحدث الممكن لذاته، فوجب أن يكون ذكره متقدما على جميع الأذكار.
Unknown page